و يسألوه إدامة ذلك لديهم و نبه بذلك علىوجوب الصبر عند المحنة احتسابا للأجر وابتغاء للثواب و الذخر.
وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْقَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِوَ ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَنَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِيالْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَكَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)
القرون جمع قرن و هو أهل عصر سموا بذلكلمقارنة بعضهم لبعض و منه قرن الشاةلمقارنته آخر بإزائه و القرن بكسر القافهو المقاوم لقرينه في الشدة.
موضع كيف نصب بقوله «تَعْمَلُونَ» وتقديره لننظر أ خيرا تعملون أم شرا و لايجوز أن يكون معمول ننظر لأن ما قبلالاستفهام لا يعمل في ما بعده.
ثم أخبر سبحانه عما نزل بالأمم الماضية منالمثلات و حذر هذه الأمة عن مثل مصارعهمفقال «وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَمِنْ قَبْلِكُمْ» بأنواع العذاب «لَمَّاظَلَمُوا» أنفسهم بأن أشركوا و عصوا «وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ»أي بالمعجزات الظاهرة و الدلالات الواضحة«وَ ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا» هذا إخباربأن هذه الأمم إنما أهلكوا لما كانوا فيالمعلوم أنهم لو بقوا لم يكونوا يؤمنونبالرسل الذين أتوهم و الكتب التي جاءوهمبها و استدل أبو علي الجبائي بهذا على أنتبقية الكافر واجبة إذا كان المعلوم منحاله أنه يؤمن فيما بعد «كَذلِكَ نَجْزِيالْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ» أي كذلك نعذبالقوم المشركين في المستقبل إذا لم يؤمنوابعد قيام الحجة عليهم و علمنا أنهم لايؤمنون و لا يصلحون «ثُمَّ جَعَلْناكُمْ»يا أمة محمد «خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْبَعْدِهِمْ» أي من بعد القرون التيأهلكناهم و معناه أسكناكم الأرض خلفهم«لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» أي لنرىعملكم أين يقع من عمل أولئك أ تقتدون بهمفتستحقون من العقاب مثل ما استحقوه أمتؤمنون فتستحقون الثواب و إنما قال لننظرليدل على أنه سبحانه يعامل العبد معاملةالمختبر الذي لا يعلم الشيء فيجازيه علىما يظهر منه دون ما قد علم أنه يفعلهمظاهرة في العدل و النظر في الحقيقة لايجوز على الله تعالى لأنه