مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 5 -صفحه : 415/ 166
نمايش فراداده

المعنى ما كان هذا القرآن افتراء فيكونمصدرا في موضع نصب بأنه خبر كان و تصديقعطف عليه أي و لكن كان تصديق الذي بين يديه«أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ» أم هذه هيالمنقطعة و تقديره بل أ يقولون و كيف فيموضع نصب على أنه خبر كان.

المعنى‏‏‏‏

ثم رد الله سبحانه على الكفار قولهم ائْتِبِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ وقولهم إن النبي (ص) افترى هذا القرآن فقال«وَ ما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْيُفْتَرى‏» أي افتراء «مِنْ دُونِاللَّهِ» فأقام أن مع الفعل مقام المصدربل هي وحي من الله و متلقى منه «وَ لكِنْتَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ» منالكتب كما قال في موضع آخر مُصَدِّقاًلِما بَيْنَ يَدَيْهِ و هذه شهادة من اللهبأن القرآن صدق و شاهد لما تقدم من التوراةو الإنجيل و الزبور بأنها حق و من وجه آخرهو شاهد لها من حيث إنه مصداق لها على ماتقدمت البشارة به فيها و قيل معناه تصديقالذي بين يديه في المستقبل من البعث والنشور و الحساب و الجزاء «وَ تَفْصِيلَالْكِتابِ» أي تبيين المعاني المجملة فيالقرآن من الحلال و الحرام و الأحكامالشرعية و قيل معناه و بيان الأدلة التيتحتاجون إليها في أمور دينكم «لا رَيْبَفِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» أي لا شكفيه أنه نازل من عند الله و أنه معجز لايقدر أحد على مثله و هذا غاية في التحدي«أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ» هذا تقريرعلى موضع الحجة بعد مضي حجة أخرى و تقديرهبل أ يقولون افتراه هذا فألزمهم على الأصلالفاسد إمكان أن يأتوا بمثله و «قُلْ» لهم«فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ» أي مثلهفي البلاغة لأنكم من أهل لسانه فلو قدر علىذلك لقدرتم أنتم أيضا عليه فإذا عجزتم عنذلك فاعلموا أنه ليس من كلام البشر و أنهمنزل من عند الله عز اسمه و قيل «بِسُورَةٍمِثْلِهِ» أي بسورة مثل سورة منه و قالمثله لأنه إنما التمس من هذا شبه الجنس «وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِاللَّهِ» أي و ادعوا من قدرتم عليه من دونالله و استعينوا به للمعاضدة على المعارضةبسورة مثله «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» فيأن هذا القرآن مفترى من دون الله و هذاأيضا غاية في التحدي و التعجيز «بَلْكَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوابِعِلْمِهِ» أي بما كذبوا و لم يعلموه منجميع وجوهه لأن في القرآن ما يعلم المرادمنه بدليل و يحتاج إلى الفكر فيه و الرجوعإلى الرسول في معرفة مراده و ذلك مثلالمتشابه فالكفار لما لم يعرفوا المرادبظاهره كذبوا به و قيل معناه بل كذبوا بمالم يحيطوا علما بكيفية نظمه و ترتيبه و هذاكما أن الناس يعرفون ألفاظ الشعر و الخطب ومعانيها و لا يمكنهم إبداعها لجهلهمبنظمها و ترتيبها و قال الحسن معناه بلكذبوا بالقرآن من غير علم ببطلانه و قيلمعناه بل كذبوا بما في القرآن من الجنة والنار و البعث و النشور و الثواب و العقاب«وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ» أيلم يأتهم بعد حقيقة ما وعد في الكتاب ممايؤول إليه أمرهم من العقوبة و قيل معناه إنفي القرآن أشياء لا يعلموه هم و لا يمكنهممعرفته إلا بالرجوع إلى‏