يلبث إلا ساعة و إما يوم نحشرهم فإنه يصلحأن يكون معمولا لأحد شيئين (أحدهما) أنيكون معمول يتعارفون (و الآخر) أن يكون يومنحشرهم لما دل عليه قوله «كَأَنْ لَمْيَلْبَثُوا» فإذا جعلته معمولا لقوله«يَتَعارَفُونَ» انتصب يوم على وجهين(أحدهما) أن يكون ظرفا معناه يتعارفون فيهذا اليوم (و الآخر) أن يكون مفعولا علىالسعة على قوله يا سارق الليلة أهل الدار ومعنى يتعارفون يحتمل أمرين (أحدهما) أنيكون المعنى مدة إماتتهم التي وقع حشرهمبعدها و حذف المفعول للدلالة عليه كما حذففي مواضع كثيرة و عدي تفاعل كما يعدى فيقوله تخاطأت النبل أحشاءه أو يكون أعملالفعل الذي دل عليه يتعارفون أ لا ترى أنهقد دل على يستعملون و يتعرفون و تعرفوا مدةاللبث هاهنا كما تعرفوها في قوله قالَقائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوالَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ والآخر في التعارف ما جاء من قوله وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍيَتَساءَلُونَ قالُوا إِنَّا كُنَّاقَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَفتعارفهم يكون على أحد هذين الوجهين فعلىهذا يكون قوله و يوم نحشرهم معموليتعارفون و الآخر أن يكون يوم نحشرهممعمول ما دل عليه قوله «كَأَنْ لَمْيَلْبَثُوا» أ لا ترى أن المعنى تشابهأحوالهم أحوال من لم يلبث فيعمل في الظرفهذا المعنى و لا يمتنع المعنى من أن يعملفي الظرف و أن تقدم الظرف عليه كقولهم أكليوم لك ثوب و إذا حملته على هذا لم يجز أنيكون صفة للمصدر لأن الموصوف الذي هوالمصدر موضعه بعد الفعل تقديره يوم نحشرهمحشرا كأن لم يلبثوه أو لم يلبثوا قبله والصفة لا يتقدم عليها ما تعمل فيه و لايجوز أيضا أن تجعله صفة ليوم على هذا لأنالصفة لا تعمل في الموصوف أ لا ترى أنالصفة شرح للموصوف كما أن الصلة لا تعمل فيالموصول لذلك فإن قلت فإذا قدرت كأن لميلبثوا على تقدير الحال من الضمير هل يجوزأن يكون يوم معمولا له فإن ذلك لا يجوز لأنالعامل في الحال يحشر أو نحشر و قد أضيفاليوم إليه و لا يجوز أن يعمل في المضافالمضاف إليه و لا ما يتعلق بالمضاف إليهلأن ذلك يوجب تقديمه على المضاف أ لا ترىأنه لم يجز القتال زيدا حين يأتي و إذاجعلت يتعارفون العامل في يوم نحشرهم لميجز أن يكون صفة ليوم على أنك كأنك وصفتاليوم بقوله «كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا» ويتعارفون فوصفت يوم نحشرهم بجملتين لم يجزأن يكون معمولا لقوله «يَتَعارَفُونَ»لأن الصفة لا تعمل في الموصوف و جاز وصفاليوم بالجمل و إن أضيف لأن الإضافة ليستبمحضة فلم تعرفه و يدل على النون في نحشرهمقوله سبحانه وَ حَشَرْناهُمْ و قولهفَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً و نَحْشُرُهُيَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى و يدل علىالياء قوله لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلىيَوْمِ الْقِيامَةِ و كل واحد منهما يجريمجرى الآخر.