جعلته مبتدأ وقفت على يحزنون دون يتقونلأن لهم البشرى خبر عنهم و البشرى يرتفعبالظرف على الأقوال الثلاثة «وَ لايَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَلِلَّهِ جَمِيعاً» كسرت أن للاستئنافبالتذكير لما ينفي الحزن و لا يجوز أن يكونكسرت لأنها وقعت بعد القول لأنه يصيرحكاية عنهم و أن النبي (ص) يحزن لذلك و هذاكفر و يجوز فتحها على تقدير اللام كأنه قالو لا يحزنك قولهم لأن العزة لله جميعا و قدغلظ القتيبي في هذا فزعم أن فتحها يكونكفرا و ليس الأمر كما ظنه فإنها إذا كانتمعمولة للقول لم يجز و إذا تعلقت بغيرالقول جاز سواء فتحت أو كسرت و مثل الفتحقول ذي الرمة:
فما هجرتك النفس يا مي أنها *** قلتك و لكنقل منك نصيبها و لكنهم يا أملح الناس أولعوا *** بقول إذاما جئت هذا جنيبها و قال القتيبي عند ذكر هذه المسألة إذاقلت هذا قاتل أخي بالتنوين دل على أنه لميقتل و إذا قلت هذا قاتل أخي بحذف التنويندل على أنه قتل و هذا غلط بإجماع منالنحويين لأن التنوين قد تحذف و أنت تريدالحال و الاستقبال قال الله تعالى هَدْياًبالِغَ الْكَعْبَةِ يريد بالغا الكعبة وكُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ أيستذوق.
«أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لاخَوْفٌ عَلَيْهِمْ» بين سبحانه أنالمطيعين لله الذين تولوا القيام بأمره وتولاهم سبحانه بحفظه و حياطته لا خوفعليهم يوم القيامة من العقاب «وَ لا هُمْيَحْزَنُونَ» أي لا يخافون و اختلف فيأولياء الله فقيل هم قوم ذكرهم الله بما همعليه من سيماء الخير و الإخبات عن ابن عباسو سعيد بن جبير و قيل هم المتحابون في الله ذكر ذلك في خبرمرفوع و قيل هم الذين آمنوا و كانوا يتقون و قدبينهم في الآية التي بعدها عن ابن زيد و قيل أنهم الذين أدوا فرائض الله و أخذوابسنن رسول الله و تورعوا عن محارم الله وزهدوا في عاجل هذه الدنيا و رغبوا فيما عندالله و اكتسبوا الطيب من رزق اللهلمعايشهم لا يريدون به التفاخر و التكاثرثم أنفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبةفأولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبواو يثابون على ما قدموا منه لآخرتهم و هوالمروي عن علي بن الحسين (ع) و قيل هم الذين توالت أفعالهم على موافقةالحق «الَّذِينَ آمَنُوا» أي صدقوا باللهو اعترفوا بوحدانيته «وَ كانُوايَتَّقُونَ» مع ذلك معاصيه «لَهُمُالْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ» فيه أقوال (أحدها) أنالبشرى في الحياة الدنيا هي ما بشرهم اللهتعالى به في