أم حرف عطف يعطف به الاستفهام و «أَمْحَسِبْتُمْ» معطوف على ما تقدم من قوله أَلا تُقاتِلُونَ و هو من الاستفهام المعترضفي وسط الكلام فجعل نفي الفعل مع تقريبلوقوعه و لم يفعل نفي الفعل بعد إطماع فيوقوعه.
ثم نبه سبحانه على جلالة موقع الجهاد فقال«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا» معناهأ ظننتم أيها المؤمنون أن تتركوا من دون أنتكلفوا الجهاد في سبيل الله مع الإخلاص«وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَجاهَدُوا مِنْكُمْ» معناه و لما يظهر ماعلم الله منكم فذكر نفي العلم و المراد نفيالمعلوم تأكيدا للنفي و إلا فإن الله عزاسمه عالم بما يكون قبل أن كان و بما لايكون لو كان كيف كان يكون و تقديره أ ظننتمأن تتركوا و لم تجاهدوا «وَ لَمْيَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لارَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِينَوَلِيجَةً» أي و لم يعلم الله الذين لميتخذوا سوى الله و سوى رسوله و المؤمنينبطانة و أولياء يوالونهم و يفشون إليهمأسرارهم و قال الجبائي هو أن يكونوامنافقين و هو قول الحسن و في هذه دلالة علىتحريم موالاة الكفار و الفساق و الألف بهم«وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ»أي عليم بأعمالكم فيجازيكم عليها.
وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنه لماتقدم الأمر بالقتال عطف عليه بهذا الشرط وهو الإخلاص في الجهاد على وجه قطع العصمةليظهر الظفر و يستحق الثواب.
ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْيَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَعَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِيالنَّارِ هُمْ خالِدُونَ (17) إِنَّمايَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَبِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسىأُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَالْمُهْتَدِينَ (18)
قرأ أهل البصرة و ابن كثير مسجد الله علىالواحد و هو قراءة ابن عباس و سعيد بن جبيرو مجاهد و الباقون «مَساجِدَ اللَّهِ».