حجة من أفرد أنه عني به المسجد الحرام وحجة من جمع أنه عني به المسجد الحرام وغيره من المساجد و يحتمل أن يكون أرادالمسجد الحرام و إنما جمع لأن كل موضع منهمسجد يسجد عليه فيكون القراءتان بمعنى.
اللغة
الأصل في المسجد هو موضع السجود في العرفو يعبر به عن البيت المهيا لصلاة الجماعةفيه و العمارة أن يجدد منه ما استرم منالأبنية و منه اعتمر إذا زار لأنه يجددبالزيارة ما استرم من الحال.
المعنى
لما أمر الله سبحانه بقتال المشركين و قطعالعصمة و الموالاة عنهم أمر بمنعهم عنالمساجد فقال «ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَأَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ» معناهلا ينبغي للمشركين أن يكونوا قواما علىعمارة مساجد الله و متولين لأمرها و ينبغيأن يعمرها المسلمون و قيل أن المراد بذلكالمسجد الحرام خاصة و قيل هي عامة في جميعالمساجد «شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْبِالْكُفْرِ» أي حال شهادتهم على أنفسهمبالكفر أو مع شهادتهم و اختلف في العمارةللمسجد فقيل هي بدخوله و نزوله كما يقالفلان يعمر مجلس فلان إذا أكثر غشيانه لأنالمسجد تكون عمارته بطاعة الله و عبادته وقيل هي باستصلاحه و رم ما استرم منه لأنهإنما يعمر للعبادة عن الجبائي و قيل هي بأنيكونوا من أهله أي لا ينبغي أن يتركالمشركون فيكونوا أهل المسجد الحرام عنالحسن و اختلف في شهادتهم على أنفسهمبالكفر كيف هي فقيل هي أن النصراني يسأل ماأنت فيقول أنا نصراني و اليهودي يقول أنايهودي و كذلك المشرك إذا سئل ما دينك يقولمشرك لا يقولها أحد غير العرب عن السدي وقيل معناه إن كلامهم يدل على كفرهم كمايقال كلام فلان يدل على بطلان دعواه عنالحسن و قيل هي قولهم لبيك لا شريك لك إلاشريكا هو لك تملكه و ما ملك و قيل شهادتهمسجودهم لأصنامهم مع إقرارهم بأنها مخلوقةعن ابن عباس و معناه أنهم يشهدون علىأنفسهم بأفعالهم و أحوالهم و من أظهر شيئاو بينه يقال قد شهد به «أُولئِكَ حَبِطَتْأَعْمالُهُمْ» التي هي من جنس الطاعة منالمؤمنين أي بطلت لأنهم أوقعوها على الوجهالذي لا يستحق لأجله الثواب عليها عندالله «وَ فِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ» أيمقيمون مؤبدون «إِنَّما يَعْمُرُمَساجِدَ اللَّهِ» و لفظة إنما لإثباتالمذكور و نفي ما عداه فمعناه لا يعمرمساجد الله بزيارتها و إقامة العباداتفيها أو ببنائها و رم المسترم منها إلا«مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِالْآخِرِ» أي من أقر بوحدانية الله واعترف بالقيامة «وَ أَقامَ الصَّلاةَ»بحدودها «وَ آتَى الزَّكاةَ» أي أعطاها إنوجبت عليه إلى مستحقها «وَ لَمْ يَخْشَإِلَّا اللَّهَ» أي لم يخف سوى الله أحدامن المخلوقين