الفرق بين الجعل و الفعل إن جعل الشيءيكون بإحداث غيره كجعل الطين خزفا و لايكون فعله إلا بإحداثه و الفرق بين الجعل والتغيير إن تغيير الشيء لا يكون إلابتصييره على خلاف ما كان و جعله يكونبتصييره على مثل ما كان كجعل الإنسان نفسهساكنا على استدامة الحال و إنما قال «وَالنَّهارَ مُبْصِراً» و إنما يبصر فيهتشبيها و مجازا و استعارة في صفة الشيءبسببه على وجه المبالغة كما يقال سر كاتم وليل نائم و مثله قول جرير: لقد لمتنا أم غيلان في السري *** و نمت و ماليل المطي بنائم و قال رؤبة: " قد نام ليلي و تجلى همي".
المعنى
لما سلى الله سبحانه نبيه (ص) بقوله «وَ لايَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ» فإنهم لايفوتونني بين بعد ذلك ما يدل على صحته فقال«أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِيالسَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ» يعنيالعقلاء و إذا كان له ملك العقلاء فماعداهم تابع لهم و إنما خص العقلاء تفخيما«وَ ما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَمِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ» يحتمل ماهاهنا وجهين (أحدهما) أن يكون بمعنى أيشيء فكأنه قال و أي شيء يتبع الذينيدعون من دون الله شركاء تقبيحا لفعلهم (والآخر) أن يكون نافية أي و ما يتبعون شركاءفي الحقيقة و يحتمل وجها ثالثا و هو أنيكون ما بمعنى الذي و يكون منصوبا بالعطفعلى من و يكون التقدير و الذي يتبع الأصنامالذين يدعونهم من دون الله شركاء فحذفالعائد من الصلة و شركاء حال من ذلكالمحذوف و إن جعلت ما نفيا فقوله«شُرَكاءَ» ينتصب بيدعونه و العائد إلىالذين الواو في يدعون و يكون قوله «إِنْيَتَّبِعُونَ» مكررا لطول الكلام و تقف فيهذا القول على قوله «وَ مَنْ فِيالْأَرْضِ» و في ذلك القول على قوله«شُرَكاءَ» «إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّاالظَّنَّ» أي ليس يتبعون في اتخاذهم معالله شركاء إلا الظن لتقليدهم أسلافهم فيذلك أو لشبهة دخلت عليهم بأنهم