مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 5 -صفحه : 415/ 248
نمايش فراداده

طافت الأرض كلها لا تستقر في موضع حتى أتتالحرم فطافت بموضع الكعبة أسبوعا و كانالله سبحانه رفع البيت إلى السماء ثم سارتبهم حتى انتهت إلى الجودي و هو جبل بأرضالموصل فاستقرت عليه اليوم العاشر منالمحرم و روى أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) أن نوحاركب السفينة في أول يوم من رجب فصام و أمرمن معه أن يصوموا ذلك اليوم و قال من صامذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة «وَ نادى‏ نُوحٌ ابْنَهُ» كنعان و قيل أناسمه يأم «وَ كانَ فِي مَعْزِلٍ» أي فيقطعة من الأرض غير القطعة التي كان نوحفيها حين ناداه و قيل معناه كان في ناحيةمن دين أبيه أي قد اعتزل دينه و كان نوح يظنأنه مسلم فلذلك دعاه و قيل كان في معزل منالسفينة «يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَ لاتَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ» دعا ابنه إلىأن يركب معه في السفينة ليسلم من الغرق قالالحسن كان ينافق أباه فلذلك دعاه و قال أبومسلم دعاه بشرط الإيمان و معناه يا بني آمنبالله ثم اركب معنا و لا تكن على دينالكافرين و على القول الأول يكون معناه لاتتخلف مع الكافرين فتغرق معهم فأجابه ابنه«قالَ سَآوِي إِلى‏ جَبَلٍ» أي سأرجع إلىمأوى من جبل «يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ»أي يمنعني من آفات الماء «قالَ» نوح «لاعاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِإِلَّا مَنْ رَحِمَ» أي لا مانع و لا دافعاليوم من عذاب الله إلا من رحمه اللهبإيمانه فآمن بالله يرحمك الله «وَ حالَبَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ» أي فصار«مِنَ الْمُغْرَقِينَ».

سورة هود (11): آية 44

وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ ياسَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَىالْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِالظَّالِمِينَ (44)

اللغة‏

البلع إجراء الشي‏ء في الحلق إلى الجوف والإقلاع إذهاب الشي‏ء من أصله حتى لا يرىله أثر يقال أقلعت السماء إذا ذهب مطرهاحتى لا يبقى شي‏ء منه و أقلع عن الأمر إذاتركه رأسا.

المعنى‏‏‏‏

ثم بين سبحانه الحال بعد انتهاء الطوفانفقال «وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِيماءَكِ» أي قال الله سبحانه للأرض انشفيماءك الذي نبعت به العيون و اشربي ماءك حتىلا يبقى على وجهك شي‏ء منه و هذا إخبار عنذهاب الماء عن وجه الأرض بأوجز مدة فجرىمجرى أن قيل لها ابلعي فبلعت «وَ يا سَماءُأَقْلِعِي» أي و قال تعالى للسماء يا سماءأمسكي‏