طافت الأرض كلها لا تستقر في موضع حتى أتتالحرم فطافت بموضع الكعبة أسبوعا و كانالله سبحانه رفع البيت إلى السماء ثم سارتبهم حتى انتهت إلى الجودي و هو جبل بأرضالموصل فاستقرت عليه اليوم العاشر منالمحرم و روى أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) أن نوحاركب السفينة في أول يوم من رجب فصام و أمرمن معه أن يصوموا ذلك اليوم و قال من صامذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة «وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ» كنعان و قيل أناسمه يأم «وَ كانَ فِي مَعْزِلٍ» أي فيقطعة من الأرض غير القطعة التي كان نوحفيها حين ناداه و قيل معناه كان في ناحيةمن دين أبيه أي قد اعتزل دينه و كان نوح يظنأنه مسلم فلذلك دعاه و قيل كان في معزل منالسفينة «يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَ لاتَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ» دعا ابنه إلىأن يركب معه في السفينة ليسلم من الغرق قالالحسن كان ينافق أباه فلذلك دعاه و قال أبومسلم دعاه بشرط الإيمان و معناه يا بني آمنبالله ثم اركب معنا و لا تكن على دينالكافرين و على القول الأول يكون معناه لاتتخلف مع الكافرين فتغرق معهم فأجابه ابنه«قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ» أي سأرجع إلىمأوى من جبل «يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ»أي يمنعني من آفات الماء «قالَ» نوح «لاعاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِإِلَّا مَنْ رَحِمَ» أي لا مانع و لا دافعاليوم من عذاب الله إلا من رحمه اللهبإيمانه فآمن بالله يرحمك الله «وَ حالَبَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ» أي فصار«مِنَ الْمُغْرَقِينَ».
وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ ياسَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَىالْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِالظَّالِمِينَ (44)
البلع إجراء الشيء في الحلق إلى الجوف والإقلاع إذهاب الشيء من أصله حتى لا يرىله أثر يقال أقلعت السماء إذا ذهب مطرهاحتى لا يبقى شيء منه و أقلع عن الأمر إذاتركه رأسا.
ثم بين سبحانه الحال بعد انتهاء الطوفانفقال «وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِيماءَكِ» أي قال الله سبحانه للأرض انشفيماءك الذي نبعت به العيون و اشربي ماءك حتىلا يبقى على وجهك شيء منه و هذا إخبار عنذهاب الماء عن وجه الأرض بأوجز مدة فجرىمجرى أن قيل لها ابلعي فبلعت «وَ يا سَماءُأَقْلِعِي» أي و قال تعالى للسماء يا سماءأمسكي