مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
عن المطر و هذا إخبار عن إقشاع السحاب وانقطاع المطر في أسرع زمان فكأنه قال لهاأقلعي فأقلعت «وَ غِيضَ الْماءُ» أي ذهببه عن وجه الأرض إلى باطنه و المعنى و نشفتالأرض ماءها و يقال أن الأرض ابتلعت جميعمائها و ماء السماء لقوله «وَ غِيضَالْماءُ» و يقال لم تبتلع ماء السماءلقوله «ابْلَعِي ماءَكِ» و إن ماء السماء صار بحارا و أنهارا و هوالمروي عن أئمتنا (ع) «وَ قُضِيَ الْأَمْرُ» أي وقع إهلاكالكفار على التمام و فرغ من الأمر و قيل وقضي الأمر بنجاة نوح و من معه «وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ» أي استقرتالسفينة على الجبل المعروف قال الزجاج هوبناحية آمد و قال غيره بقرب جزيرة الموصلقال زيد بن عمرو بن نفيل: سبحانه ثم سبحانا يعود له *** و قبله سبحالجودي و الجمد و قال أبو مسلم الجودي اسم لكل جبل و أرضصلبة و في كتاب النبوة مسندا إلى أبي بصير عن أبيالحسن علي بن موسى بن جعفر (ع) قال كان نوحلبث في السفينة ما شاء الله و كانت مأمورةفخلى سبيلها فأوحى الله إلى الجبال إنيواضع سفينة نوح على جبل منكن فتطاولتالجبال و شمخت و تواضع الجودي و هو جبلبالموصل فضرب جؤجؤ السفينة الجبل فقال نوحعند ذلك يا ماريا أتقن و هو بالعربية يا ربأصلح و في رواية أخرى يا رهمان أتقن و تأويله يا رب أحسن و قيل أرست السفينةعلى الجودي شهرا «وَ قِيلَ بُعْداًلِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» أي قال اللهتعالى ذلك و معناه أبعد الله الظالمين منرحمته لإيرادهم أنفسهم مورد الهلاك و إنماانتصب على المصدر و فيه معنى الدعاء و يجوزأن يكون هذا من قول الملائكة أو من قول نوحو المؤمنين و في هذه الآية من بدائعالفصاحة و عجائب البلاغة ما لا يقارب كلامالبشر و لا يدانيه منها أنه خرج مخرج الأمرو إن كانت الأرض و السماء من الجماد ليكونأدل على الاقتدار و منها حسن تقابل المعنىو ائتلاف الألفاظ و منها حسن البيان فيتصوير الحال و منها الإيجاز من غير إخلالإلى غير ذلك مما يعلمه من تدبره و له معرفةبكلام العرب و محاوراتهم و يروى أن كفارقريش أرادوا أن يتعاطوا معارضة القرآنفعكفوا على لباب البر و لحوم الضأن و سلافالخمر أربعين يوما لتصفو أذهانهم فلماأخذوا فيما أرادوا سمعوا هذه الآية فقالبعضهم لبعض هذا كلام لا يشبهه شيء منالكلام و لا يشبه كلام المخلوقين و تركواما أخذوا فيه و افترقوا.