(ع) إنه ابني على ظاهر الأمر فأعلمه اللهتعالى أن الأمر بخلاف الظاهر و نبهه علىخيانة امرأته عن الحسن و مجاهد و هذا الوجهبعيد من حيث أن فيه منافاة القرآن لأنهتعالى قال وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ و لأنالأنبياء يجب أن ينزهوا عن مثل هذه الحاللأنها تعير و تشين و قد نزه الله أنبياءهعما دون ذلك توقيرا لهم و تعظيما عما ينفرمن القبول منهم و روي عن ابن عباس أنه قالما زنت امرأة نبي قط و كانت الخيانة منامرأة نوح أنها كانت تنسبه إلى الجنون والخيانة من امرأة لوط أنها كانت تدل علىأضيافه (و رابعها) أنه كان ابن امرأته و كانربيبة و يعضده قراءة من قرأ ابنه بفتحالهاء و ابنها و المعتمد المعول عليه فيتأويل الآية القولان الأولان «إِنَّهُعَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ» قد ذكرنا الوجه فيالقراءتين و اختار المرتضى (رض) في تأويلهأن التقدير أن ابنك ذو عمل غير صالح واستشهد على ذلك بقول الخنساء:
ما أم سقب على بو تطيف به *** قد ساعدتها علىالتحنان أظئار ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت *** فإنما هيإقبال و إدبار أرادت فإنما هي ذات إقبال و إدبار قال و منقال أن المعني إن سؤالك إياي ما ليس لك بهعلم عمل غير صالح فإن من امتنع من أن يقععلى الأنبياء شيء من القبائح يدفع ذلكفإذا قيل له فلم قال «فَلا تَسْئَلْنِ مالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» و كيف قال نوح«رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْأَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ»قال لا يمتنع أن يكون نهي عن سؤال ما ليس لكبه علم و إن لم يقع منه و إن يكون تعوذ منذلك و إن لم يوقعه كما نهى الله سبحانهنبيه عن الشرك في قوله لَئِنْ أَشْرَكْتَلَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ و إن لم يجز وقوعذلك منه و إنما سأل نوح (ع) نجاة ابنه بشرطالمصلحة لا على سبيل القطع فلما بين اللهتعالى أن المصلحة في غير نجاته لم يكن ذلكخارجا عما تضمنه السؤال و قوله «إِنِّيأَعِظُكَ» أي أحذرك و الوعظ الدعاء إلىالحسن و الزجر عن القبيح على وجه الترغيب والترهيب «أَنْ تَكُونَ مِنَالْجاهِلِينَ» معناه لا تكن منهم قالالجبائي يعني إني أعظك لئلا تكون منالجاهلين و لا شك أن وعظه سبحانه يصرف عنالجهل و ينزه عن القبيح «قالَ» نوح عند ذلك«رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْأَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ» أيأعتصم بك أن أسألك ما لا أعلم أنه صواب وأنك تفعله و معنى