مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 5 -صفحه : 415/ 280
نمايش فراداده

فلم ينهوا عنها (و الثالث) أن معناه و لايتخلف منكم أحد عن ابن عباس (و الرابع) أنهأمرهم أن لا يلتفتوا إذا سمعوا الوجبة والهدة «إِلَّا امْرَأَتَكَ» و قيل إنهاالتفتت حين سمعت الوجبة فقالت يا قوماهفأصابها حجر فقتلها و قيل إلا امرأتكمعناه لا تسر بها «إِنَّهُ مُصِيبُها ماأَصابَهُمْ» أي يصيبها من العذاب ماأصابهم أمروه أن يخلفها في المدينة «إِنَّمَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَالصُّبْحُ بِقَرِيبٍ» لما أخبر الملائكةلوطا بأنهم يهلكون قوم لوط قال لهمأهلكوهم الساعة لضيق صدورهم بهم و شدةغيظه عليهم فقالوا إن موعد إهلاكهم الصبحلم يجعل الصبح ظرفا و جعله خبر إن لأنالموعد هو الصبح و إنما قالوا له «أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ» تسلية له وقيل إنه إنما قال لهم أهلكوهم. ذلك و في هذادلالة على أن الله سبحانه إنما يهلك منيهلكه عند انقضاء مدته و إن ضاق صدر الغيربه و يجوز أن يكون قد جعل الصبح ميقاتإهلاكهم لأن النفوس فيه أودع و الناس فيهأجمع «فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا» فيه أقوال(أحدها) جاء أمرنا الملائكة بإهلاك قوم لوط(و الثاني) جاء العذاب كأنه قيل كن علىالتعظيم على طريق المجاز كما قال الشاعر:


  • فقالت له العينان سمعا و طاعة و حدرناكالدر لما يثقب‏

  • و حدرناكالدر لما يثقب‏ و حدرناكالدر لما يثقب‏

و على هذا فالأمر هو نفس العذاب (و الثالث)جاء أمرنا بالعذاب «جَعَلْنا عالِيَهاسافِلَها» أي قلبنا القرية أسفلها أعلاهافإن الله تعالى أمر جبرائيل (ع) فأدخلجناحه تحت الأرض فرفعها حتى سمع أهلالسماء صياح الديكة و نباح الكلاب ثمقلبها ثم خسف بهم الأرض فهم يتجلجلون فيهاإلى يوم القيامة فعلى هذا يكون معنى جعلناجعل بأمرنا و إنما أضافه إلى نفسه لأنهأمره به «وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهاحِجارَةً» أي و أمطرنا على القرية أي علىالغائبين منها حجارة عن الجبائي و قيلأمطرت الحجارة على تلك القرية حين رفعهاجبرائيل و قيل إنما أمطرت عليهم الحجارةبعد أن قلبت قريتهم تغليظا للعقوبة و قيلكانت أربع مدائن و هي المؤتفكات سدوم وعاموراء و دوما و صبوايم و أعظمها سدوم وكان لوط يسكنها قال أبو عبيدة يقال مطر فيالرحمة و أمطر في العذاب «مِنْ سِجِّيلٍ»أي سنك كل عن ابن عباس و سعيد بن جبير بينبذلك صلابتها و مباينتها للبرد و أنهاليست من جنس ما جرت به عادتهم في سقوطالبرد من الغيوم و قيل إن السجيل الطين عنقتادة و عكرمة و يؤيده قوله لِنُرْسِلَعَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ و روي عنعكرمة أيضا أنه بحر معلق في الهواء بينالأرض و السماء