الجملة حالا من الضمير في يأتي و يجوز أنيكون صفة ليوم المضاف إلى يأتي لأن يوممضاف إلى يأتي و الفعل نكرة فلا تتعرف يومبالإضافة إليه فجاز أن يوصف بالجملة كماتوصف النكرات بالجمل و المعنى لا تكلم فيهنفس فحذف فيه أو حذف الحرف و أوصل الفعلإلى المفعول ثم حذف الضمير من الفعل الذيهو صفة كما يحذف من الصلة و مثل ذلك قولهمالناس رجلان رجل أكرمت و رجل أهنت و إذاجعلته حالا من الضمير في يأت وجب أن تقدرفيه أيضا ضميرا يعود إلى ذي الحال و تقديرهغير متكلم فيه هذا كله قول أبي علي و أقولأن الأظهر أن قوله «يَوْمَ يَأْتِ» ظرفلقوله «لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّابِإِذْنِهِ» و معمول له و هذا الوجه لايحتاج فيه إلى تقدير محذوف كما في الوجهيناللذين ذكرناهما فيكون أولى و إنما يضافيوم إلى الفعل لأنه اسم زمان و الفعل يناسبالزمان من حيث أنه لا يخلو منه و إنمايتصرف بتصرفه و أنه لا يكون حادثا إلا وقتاكما أن الزمان لا يبقى و قوله «لاتَكَلَّمُ» أي لا تتكلم فحذف إحدى التاءينكما في قول الشاعر:
و العين ساكنة على أطلائها *** عوذا تأجلبالفضاء بهامها أي تتأجل و عطاء منصوب بما دل الكلام عليهفكأنه قال أعطاهم النعيم عطاء.
ثم أخبر سبحانه عن اليوم المشهود و هو يومالقيامة فقال «وَ ما نُؤَخِّرُهُ» أي و مانؤخر هذا اليوم «إِلَّا لِأَجَلٍمَعْدُودٍ» و هو أجل قد عده الله تعالىلعلمه أن صلاح الخلق في إدامة التكليفعليهم إلى ذلك الوقت و فيه إشارة إلى قربهلأن ما يدخل تحت العد فكان قد نفد و إنماقال لأجل و لم يقل إلى أجل لأن اللام يدلعلى الغرض و أن الحكمة اقتضت تأخيره و إلىلا يدل على ذلك «يَوْمَ يَأْتِ» أي حينيأتي القيامة و الجزاء «لا تَكَلَّمُنَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ» أي لا يتكلمأحد فيه إلا بإذن الله تعالى و أمره ومعناه أنه لا يتكلم فيه إلا بالكلام الحسنالمأذون فيه لأن الخلق ملجئون هناك إلىترك القبائح فلا يقع منهم فعل القبيح و أماما هو غير قبيح فإنه مأذون فيه عن الجبائيو الأظهر أن يقال معناه أنه لا يتكلم أحدفي الآخرة بكلام نافع من شفاعة و وسيلة إلابإذنه فإن قيل كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله «هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» وقوله «فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْذَنْبِهِ إِنْسٌ