و منها خطور الشيء بالبال و إن لم يقعالعزم عليه كقوله «إِذْ هَمَّتْطائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما» يعني أن الفشل خطرببالهم و لو كان الهم هاهنا عزما لما كانالله وليهما لأن العزم على المعصية معصيةو لا يجوز أن يكون الله ولي من عزم علىالفرار عن نصرة نبيه (ع) و يقوي ذلك قول كعببن زهير:
ففرق بين الهم و العزم و منها أن يكونبمعنى المقاربة قالوا هم فلان أن يفعل كذاأي كاد يفعله قال ذو الرمة:
و الدمع لا يجوز عليه العزم و معناه كاد وقارب و قال أبو الأسود الدئلي:
و على هذا جاء قوله جِداراً يُرِيدُ أَنْيَنْقَضَّ أي يكاد و قال الحارثي:
و منها الشهوة و نيل الطباع يقول القائلفيما يشتهيه و يميل طبعه إليه هذا أهمالأشياء إلي و في ضده ليس هذا من همي و إذاكانت معاني الهم في اللغة مختلفة يجب أنينفي عن نبي الله يوسف (ع) ما لا يليق به وهو العزم على القبيح لأن الدليل قد دل علىأن الأنبياء لا يجوز المعاصي و القبائحعليهم و أجزنا عليهم ما سواه من معاني الهملأن كل واحد من ذلك يليق بحاله.
«وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهالَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ»اختلف العلماء فيه على قولين (أحدهما) أنهلم يوجد من يوسف ذنب كبير و لا صغير (والآخر) أنه وجد منه العزم على القبيح ثمانصرف عنه فأما الأولون فإنهم اختلفوا فيتأويل الآية على وجوه (أحدها) أن الهم فيظاهر الآية قد تعلق بما لا يصح تعلق العزمبه على الحقيقة لأنه قال «وَ لَقَدْهَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها» فعلق الهمبهما و ذاتاهما لا يجوز أن يرادا و يعزمعليهما لأن الموجود الباقي لا يصح أن يرادو يعزم عليه فإذا حملنا الهم في الآية علىالعزم فلا بد من تقدير أمر