الإيجاب جحدا و لو جاز ذلك على أن يكون فيهطرف من الجحد لجاز كرهت إلا أخاك مثل أبيتإلا أن أبيت الحذف مستعمل معها.
ثم أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار من اليهودو النصارى أنهم «يُرِيدُونَ أَنْيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ» و هو القرآن والإسلام عن أكثر المفسرين و قيل نور اللهالدلالة و البرهان لأنهما يهتدى بهما كمايهتدى بالأنوار عن الجبائي قال و لما سمىسبحانه الحجج و البراهين أنوارا سميمعارضتهم لذلك إطفاء ثم قال«بِأَفْواهِهِمْ» لأن الإطفاء يكونبالأفواه و هو النفخ و هذا من عجيب البيانمع ما فيه من تصغير شأنهم و تضعيف كيدهملأن الفم يؤثر في الأنوار الضعيفة دونالأقباس العظيمة «وَ يَأْبَى اللَّهُإِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ» معناه ويمنع الله إلا أن يظهر أمر القرآن و أمرالإسلام و حجته على التمام و أصل الإباءالمنع و الامتناع دون الكراهية على ماادعته المجبرة و لهذا تقول العرب فلانيأبى الضيم و هو أبي الضيم و لا مدحة فيكراهية الضيم لأنه يستوي فيه القوي والضعيف و إنما المدحة في الامتناع أوالمنع منه «وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ»أي على كره من الكافرين «هُوَ الَّذِيأَرْسَلَ رَسُولَهُ» محمدا و حملهالرسالات التي يؤديها إلى أمته«بِالْهُدى» أي بالحجج و البينات والدلائل و البراهين «وَ دِينِ الْحَقِّ» وهو الإسلام و ما تضمنه من الشرائع التييستحق عليها الجزاء بالثواب و كل دين سواهباطل يستحق به العقاب «لِيُظْهِرَهُعَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» معناه ليعلي دينالإسلام على جميع الأديان بالحجة و الغلبةو القهر لها حتى لا يبقى على وجه الأرض دينإلا مغلوبا و لا يغلب أحد أهل الإسلامبالحجة و هم يغلبون أهل سائر الأديانبالحجة و أما الظهور بالغلبة فهو أن كلطائفة من المسلمين قد غلبوا على ناحية مننواحي أهل الشرك و لحقهم قهر من جهتهم وقيل أراد عند نزول عيسى بن مريم لا يبقىأهل دين إلا أسلم أو أدى الجزية عن الضحاكو قال أبو جعفر (ع) إن ذلك يكون عند خروجالمهدي من آل محمد فلا يبقى أحد إلا أقربمحمد و هو قول السدي و قال الكلبي لا يبقى دينإلا ظهر عليه الإسلام و سيكون ذلك و لم يكنبعد و لا تقوم الساعة حتى يكون ذلك و قال المقداد بن الأسود سمعت رسول الله (ص)يقول لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر و لاوبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام إما بعزعزيز و إما بذل ذليل إما يعزهم فيجعلهمالله من أهله فيعزوا به و إما يذلهمفيدينون له و قيل إن الهاء في «لِيُظْهِرَهُ» عائدةإلى الرسول (ص) أي ليعلمه الله الأديانكلها حتى لا يخفى عليه شيء منها عن ابنعباس «وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» أيو إن كرهوا هذا الدين فإن الله يظهره رغمالهم.