هذا التدبير ما لم يعلمه غيره عن القتيبي«ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِالْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ»أي ما كان يمكنه أن يأخذ أخاه في حكم الملكو قضائه و أن يحبسه إذ لم يكن ذلك من حكمملك مصر و أهله عن قتادة و قيل في دين الملكفي سلطانه عن ابن عباس و قيل في عادته فيجزاء من سرق أن يستعبد و قيل إنه كان عادلاو لو لا هذه الحيلة لما كان يمكنه من أخذأخيه إلا أن يشاء الله أن يجعل ليوسف عذرافيما فعل و قيل إلا أن يشاء الله أن يأمرهبذلك لأنه كان لا يمكنه أن يقول هذا أخي وكان لا يمكنه حبسه من غير حيلة لأنه كانيكون فعله ظلما و كان من سنة آل يعقوب أنيسترق و في حكم الملك و أهل مصر أن يضرب ويعزم و حبسه يوسف على قولهم و التزم حكمهمالذي جرى على لسانهم مبالغة في نفي السرقةعن أنفسهم و كان ذلك مراده و قد شاء اللهلأنه بأمره عن الحسن و إنما سماه كيدا لأنهلو لا هذا السبب لم يتهيأ له أخذه و الكيدما يفعله فاعله ليوصل به إلى غيره ضررا منحيث لا يعلمه أو لينال منه شيئا من غير أنيعلمه «نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ»بالعلم و النبوة كما رفعنا درجة يوسف علىإخوته و قيل بالتقوى و التوفيق و العصمة والألطاف الجميلة «وَ فَوْقَ كُلِّ ذِيعِلْمٍ عَلِيمٌ» يعني أن كل عالم فإن فوقهعالما أعلم منه حتى ينتهي إلى الله تعالىالعالم بجميع المعلومات لذاته فيقف عليه ولا يتعداه و في هذا دلالة على بطلان قول منيقول إن الله سبحانه عالم بعلم قديم لأنهلو كان كذلك لكان فوقه عليم على ما يقتضيهالظاهر.