مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 8 -صفحه : 409/ 122
نمايش فراداده

«وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» أي شكعن الحسن و قيل ضعف في الإيمان «ماوَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّاغُرُوراً» قال ابن عباس إن المنافقينقالوا يعدنا محمد أن يفتح مدائن كسرى وقيصر و نحن لا نأمن أن نذهب إلى الخلاء هذاو الله الغرور «وَ إِذْ قالَتْ طائِفَةٌمِنْهُمْ» يعني عبد الله بن أبي و أصحابهعن السدي و قيل هم بنو سالم من المنافقينعن مقاتل و قيل إن القائل لذلك أوس بن قبطيو من وافقه على رأيه عن يزيد بن رومان «ياأَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْفَارْجِعُوا» أي لا إقامة لكم هاهنا أو لامكان لكم تقومون فيه للقتال إذا فتح الميمفارجعوا إلى منازلكم بالمدينة و أرادواالهرب من عسكر رسول الله (ص) «وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُالنَّبِيَّ» في الرجوع إلى المدينة و همبنو حارثة و بنو سلمة «يَقُولُونَ إِنَّبُيُوتَنا عَوْرَةٌ» ليست بحريزة، مكشوفةليست بحصينة عن ابن عباس و مجاهد و قيلمعناه بيوتنا خالية من الرجال نخشى عليهاالسراق عن الحسن و قيل قالوا بيوتنا ممايلي العدو و لا نأمن على أهلينا عن قتادة فكذبهم الله تعالى فقال «وَ ما هِيَبِعَوْرَةٍ» بل هي رفيعة السمك حصينة عنالصادق (ع) «إِنْ يُرِيدُونَ» أي ما يريدون «إِلَّافِراراً» و هربا من القتال و نصرةالمؤمنين «وَ لَوْ دُخِلَتْ» أي و لو دخلتالبيوت أو دخلت المدينة «عَلَيْهِمْ» أي ولو دخل هؤلاء الذين يريدون القتال و همالأحزاب على الذين يقولون إن بيوتنا عورةو هم المنافقون «مِنْ أَقْطارِها» أي مننواحي المدينة أو البيوت «ثُمَّ سُئِلُواالْفِتْنَةَ لَآتَوْها» أي ثم دعوا هؤلاءإلى الشرك لأشركوا فالمراد بالفتنة الشركعن ابن عباس «وَ ما تَلَبَّثُوا بِهاإِلَّا يَسِيراً» أي و ما احتبسوا عنالإجابة إلى الكفر إلا قليلا عن قتادة وقيل معناه و ما أقاموا بالمدينة بعدإعطائهم الكفر إلا قليلا حتى يعاجلهم اللهبالعذاب عن الحسن و الفراء ثم ذكرهم اللهسبحانه عهدهم مع النبي (ص) بالثبات فيالمواطن فقال «وَ لَقَدْ كانُوا عاهَدُوااللَّهَ مِنْ قَبْلُ» أي من قبل الخندق«لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ» أي بايعواالنبي (ص) و حلفوا له أنهم ينصرونه و يدفعونعنه كما يدفعون عن نفوسهم و لا يرجعون عنمقاتلة العدو و لا ينهزمون قال مقاتل يريدليلة العقبة «وَ كانَ عَهْدُ اللَّهِمَسْؤُلًا» يسألون عنهم في الآخرة و إنماجاء بلفظ الماضي تأكيدا ثم قال سبحانه«قُلْ» يا محمد للذين استأذنوك في الرجوعو اعتلوا بأن بيوتهم يخاف عليها «لَنْيَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْمِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ» إن كانحضرت آجالكم فإنه لا بد من واحد منهما و إنهربتم فالهرب لا يزيد في آجالكم «وَ إِذاًلا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا» معناهو إن لم تحضر آجالكم و سلمتم من الموت أوالقتل في هذه الوقعة لم تمتعوا في الدنياإلا أياما قلائل و إنما فرق بين الموت والقتل لأن القتل غير الموت فإن الموت ضدالحياة عند من أثبته معنى و انتفاء الحياةعند من لم يثبته معنى و القتل هو نقضالبنية الحيوانية فالقتل يقدر عليه غير