مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
الله تعالى و الموت لا يقدر عليه غيره«قُلْ» يا محمد «مَنْ ذَا الَّذِييَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ» أي يدفع عنكمقضاء الله و يمنعكم من الله «إِنْ أَرادَبِكُمْ سُوءاً» أي عذابا و عقوبة «أَوْأَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً» أي نصرا و عزافإن أحدا لا يقدر على ذلك «وَ لا يَجِدُونَلَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا» يليأمورهم «وَ لا نَصِيراً» ينصرهم و يدفععنهم ثم قال سبحانه «قَدْ يَعْلَمُاللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ» و همالذين يعوقون غيرهم عن الجهاد مع رسولالله (ص) و يثبطونهم و يشغلونهم لينصرفواعنه و ذلك بأنهم قالوا لهم ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس و لو كانوا لحمالالتهمهم أبو سفيان و هؤلاء الأحزاب «وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ» يعنياليهود قالوا لإخوانهم المنافقين«هَلُمَّ إِلَيْنا» أي تعالوا و أقبلواإلينا و دعوا محمدا و قيل القائلون همالمنافقون قالوا لإخوانهم من ضعفةالمسلمين لا تحاربوا و خلوا محمدا فإنانخاف عليكم الهلاك «وَ لا يَأْتُونَالْبَأْسَ» أي و لا يحضرون القتال في سبيلالله «إِلَّا قَلِيلًا» يخرجون رياء وسمعة قدر ما يوهمون أنهم معكم يعلم اللهسبحانه أحوالهم لا يخفى عليه شيء منها عنالسدي و قيل معناه و لا يحضرون القتال إلاكارهين تكون قلوبهم مع المشركين عن قتادة«أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ» أي لا يأتونالناس أشحة عليكم أي بخلاء بالقتال معكم وقيل بخلاء بالنفقة في سبيل الله و النصرةعن قتادة و مجاهد و معناه لا ينصرونكم ثمأخبر عن جبنهم فقال «فَإِذا جاءَالْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَإِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْكَالَّذِي يُغْشى» أي كعين الذي يغشى«عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ» و هو الذي قربمن حال الموت و غشيته أسبابه فيذهل و يذهبعقله و يشخص بصره فلا يطرف كذلك هؤلاء تشخصأبصارهم و تحار أعينهم من شدة خوفهم«فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ» و الفزع و جاءالأمن و الغنيمة «سَلَقُوكُمْبِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ» أي آذوكم بالكلام وخاصموكم بألسنة سليطة ذربة عن الفراء وقيل معناه بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمةالغنيمة يقولون أعطونا أعطونا فلستم بأحقبها منا عن قتادة قال فأما عند البأس فأجبنقوم و أخذلهم للحق و أما عند الغنيمة فأشحقوم و هو قوله «أَشِحَّةً عَلَىالْخَيْرِ» أي بخلاء بالغنيمة يشاحونالمؤمنين عند القسمة و قيل معناه بخلاءبأن يتكلموا بكلام فيه خير عن الجبائي«أُولئِكَ» يعني من تقدم وصفهم «لَمْيُؤْمِنُوا» كما آمن غيرهم و إلا لمافعلوا ذلك «فَأَحْبَطَ اللَّهُأَعْمالَهُمْ» لأنها لم تقع على الوجوهالتي يستحق عليها الثواب إذ لم يقصدوا بهاوجه الله تعالى و في هذا دلالة على صحةمذهبنا في الإحباط لأن المنافقين ليس لهمثواب فيحبط فليس إلا أن