مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 8 -صفحه : 409/ 79
نمايش فراداده

المعنى‏

لما أخبر سبحانه عمن جادل في الله بغيرعلم و لم يذكر النعمة زاد عقيبه في ذمهمفقال «وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ماأَنْزَلَ اللَّهُ» على محمد (ص) من القرآنو شرائع الإسلام «قالُوا بَلْ نَتَّبِعُما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا» ذمهم علىالتقليد ثم قال منكرا عليهم «أَ وَ لَوْكانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ» إلى تقليدآبائهم و اتباع ما يدعوهم «إِلى‏ عَذابِالسَّعِيرِ» أدخل على واو العطف همزةالاستفهام على وجه الإنكار و جواب لومحذوف تقديره أ و لو كان الشيطان يدعوهمإلى عذاب السعير لاتبعوهم و المعنى أنالشيطان يدعوهم إلى تقليد آبائهم و تركاتباع ما جاءت به الرسل و ذلك موجب لهمعذاب النار فهو في الحقيقة يدعوهم إلىالنار ثم قال «وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُإِلَى اللَّهِ» أي و من يخلص دينه لله ويقصد في أفعاله التقرب إليه «وَ هُوَمُحْسِنٌ» فيها فيفعلها على موجب العلم ومقتضى الشرع و قيل إن إسلام الوجه إلى اللهتعالى هو الانقياد لله تعالى في أوامره ونواهيه و ذلك يتضمن العلم و العمل «فَقَدِاسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏»أي فقد تعلق بالعروة الوثيقة التي لا يخشىانفصامها و الوثقى تأنيث الأوثق «وَ إِلَىاللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ» أي و عندالله ثواب ما صنع عن مجاهد و المعنى و إلىالله ترجع أواخر الأمور على وجه لا يكونلأحد التصرف فيها بالأمر و النهي «وَ مَنْكَفَرَ» من هؤلاء الناس «فَلايَحْزُنْكَ» يا محمد «كُفْرُهُ» أي لايغمك ذلك «إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْفَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» أينخبرهم بأعمالهم و نجازيهم بسوء أفعالهم«إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِالصُّدُورِ» أي بما تضمره الصدور لا يخفىعليه شي‏ء منه «نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا»أي نعطيهم من متاع الدنيا و نعيمها مايتمتعون به مدة قليلة «ثُمَّنَضْطَرُّهُمْ» في الآخرة «إِلى‏ عَذابٍغَلِيظٍ» أي ثم نصيرهم مكرهين إلى عذابيغلظ عليهم و يصعب «وَ لَئِنْسَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ» في جواب ذلك«اللَّهُ» خلقهما «قُلِ» يا محمد أو أيهاالسامع «الْحَمْدُ لِلَّهِ» على هدايتهلنا و توفيقه إيانا لمعرفته و قيل معناهاشكر الله على دين يقر لك خصمك بصحته لوضوحدلالته عن الجبائي «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لايَعْلَمُونَ» ما عليهم من الحجة ..