مکارم الأخلاق و معالم الاعلاق

رضی الدین أبی نصر الحسن بن الفضل الطبرسی

نسخه متنی -صفحه : 476/ 420
نمايش فراداده

نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإنكان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمهالانها أسيرك وتطعمها وتسقيها وتكسوهاوإذا جهلت عفوت عنها.

وأما حق مملوكك: فأن تعلم أنه خلق ربك وابنأبيك وأمك ومن لحمك ودمك لم تملكه لانكصنعته دون الله عزوجل ولا خلقت شيئا منجوارحه ولا أخرجت له رزقا ولكن الله عزوجلكفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليهواستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خيرإليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك وإنكرهته استبدلته ولا تعذب خلق الله عزوجلولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأما حق أمك: فأن تعلم أنها حملتك حيث لايحتمل أحد أحدا وأعطتك من ثمرة قلبها ما لايعطي أحد أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولمتبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتتعرىوتكسوك وتضحى وتظلك وتهجر النوم لاجلكووقتك الحر والبرد لتكون لها وإنك لا تطيقشكرها إلا بعون الله وتو فيقه.

وأما حق أبيك: فأن تعلم أنه أصلك وأنهلولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبكفاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه فاحمدالله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلابالله.

وأما حق ولدك: فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عماوليته به من حسن الادب والدلالة على ربهعزوجل والمعونة له على طاعته فاعمل فيأمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسانإليه، معاقب على الاساءة إليه.

وأما حق أخيك: فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتكفلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدةللظلم بخلق الله ولا تدع نصرته على عدوهوالنصيحة له فإن أطاع الله وإلا فليكنالله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك المنعم عليك: فأن تعلم أنهأنفق فيك ماله وأخرجك من ذل الرق ووحشتهإلى عز الحرية وأنسها فأطلقك من أسرالملكية وفك عنك قيد العبودية وأخرجك منالسجن وملكك نفسك وفرغك لعبادة ربك وتعلمأنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك وأننصرته عليك واجبة بنفسك وما أحتاج إليهمنك ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه: فأن تعلمأن الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة إليهوحجابا لك من النار وأن ثوابك في العاجلميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقتمن مالك، و في الاجل الجنة.