نقول إن اختلاف العلوم الحقيقية هو بسببموضوعاتها. و ذلك السبب إما اختلافالموضوعات و إما اختلاف موضوع. و لنفصلأقسام الوجه الأول و نقول:
إن اختلاف موضوعات العلوم إما علىالإطلاق من غير مداخلة مثل اختلاف موضوعيالحساب و الهندسة فليس شيء من موضوع هذافي موضوع ذلك و إما مع مداخلة مثل أن يكونأحدهما يشارك الآخر في شيء. و هذا علىوجهين: إما أن يكون أحد الموضوعين أعمكالجنس و الآخر أخص كالنوع أو الأعراضالخاصة بالنوع. و إما أن يكون في الموضوعينشيء مشترك و شيء متباين مثل علم الطب وعلم الأخلاق: فإنهما يشتركان في قوى نفسالإنسان من جهة ما الإنسان حيوان ثم يختصالطب بالنظر في جسد الإنسان و أعضائه ويختص علم الأخلاق بالنظر في النفس الناطقةو قواها العملية.
و أما القسم الأول من هذين القسمين فإماأن يكون العام فيه عمومه للخاص عموم الجنسأو عموم اللوازم مثل عموم الواحد والموجود. و لنؤخر الآن هذا القسم. و أماالذي عمومه فيه عموم الجنس للنوع فهوكالنظر في المخروطات على أنها من المجسماتو المجسمات على أنها من المقادير. و أماالذي عمومه كالجنس لعارض النوع فمثل موضوعالطبيعي و موضوع الموسيقى:
فإن موضوع الموسيقى عارض نوع من موضوعالعلم الطبيعي.
و هذا القسم نقسمه على قسمين: قسم يجعلالأخص من جملة الأعم و في علمه حتى يكونالنظر فيه جزءا من النظر في الأعم. و قسميفرد الأخص من الأعم و لا يجعل النظر فيهجزءا من النظر في الأعم. و لكن يجعله علماتحته.