و لقائل أن يقول: إنكم قد اشترطتم فيمقدمات البراهين أن تكون كلية لا محالة ونحن قد علمنا أن من مقدمات البراهين ما هيجزئية و ذلك إذا كانت المطالب جزئية. والبرهان الجزئي و إن لم يكن في شرف البرهانالكلي فإنه برهان يعطي اليقين و العلة كماأن البرهان السالب و إن لم يكن في شرفالبرهان الموجب فإنه برهان يعطي اليقين والعلة في كثير من الأوقات.
فيكون الجواب.
إن الكلي يقال على وجهين: فيقال كلي لقياسالشخص المخصوص و يراد به أن الحكم فيه علىكلي سواء كان على كله أو بعضه أو مهملا بعدأن يكون الموضوع كليا. و يقال كلي لقياسالجزئي و المهمل و يراد به أن الحكم علىموضوع كلي و على كله.
و المقدمة الجزئية غير الشخصية: فإنموضوعها كلي. و البعض أيضا الذي يختصبالحكم منها و إن لم يكن معينا فإنه فيالأكثر طبيعة كلية: كقولنا بعض الحيوانناطق.
فإذن الوجه الذي اشترطناه في هذا الموضعتدخل فيه المقدمة الجزئية و لا تدخلالشخصية.
و قيل في التعليم الأول: و لأن الأشياءالواجبة الوقوع المتكررة بالعدد قد يبرهنعليها و تحد مثل كسوف القمر فحري أن يشكشاك أنه كيف وقع لها مع فسادها برهان و حد.
و الجواب: أن كسوف القمر على الإطلاق نوعما بذاته مقول على كسوفات قمرية جزئيةفاسدة و ذلك النوع طبيعة معقولة كلية.فالبرهان و الحد لتلك الطبيعة النوعيةذاتية و دائمة يقينية و كذلك الكسوف في وقتما: فإنه و إن اتفق ألا يكون إلا واحدا فليسنفس تصوره كسوفا قمريا في وقت حاله و صفتهكذا يمنع عن أن يقال على كثيرين حتى يكونفي وقت ما بتلك الصفة كسوفات كذلك شمسية أوقمرية كما ليس تصور معنى الشمس و القمريمنع أن يقال على كثيرين.