و كان مأخذ هؤلاء في الاحتجاج شيئا آخر: وهو أن هذه مستغنية عن المادة في الحد وكذلك في الوجود. قالوا: و أما ما يضعهالرياضي من خط و شكل محسوس فهو كاذب فيه.
و الخط و الشكل الحقيقي عقلي و عليهالبرهان.
و قوم ألفوا الهندسيات من العدديات وجعلوا العدديات مبدأ الهندسيات. و أماأفلاطن فجعل الصور المعقولة المفارقةموجودة لكل معقول حتى للطبيعيات فسماهاإذا كانت مجردة مثلا و إذا اقترنت بالمادةصورا طبيعية. و جميع هذا باطل فإن الصورالطبيعية لا تكون هي هي إذا جردت عن المادةو الصور التعليمية لا تقوم بلا مادة و إنكانت تحد لا بالمادة و الكلام في إبطال هذهالآراء و القياسات الداعية إليها إنما هوفي صناعة الفلسفة الأولى دون المنطق وعلوم أخرى بل يحسن في المنطق بوجه منالوجوه أن يبين أن هذه و إن فرضت موجودةفلا مدخل لها في علم البرهان و لا هيموضوعة لهذه البراهين التي نحن فيتعليمها:
لأن هذه البراهين و إن كانت بالذات و أولالأمور عقلية كلية فإنها ثانيا و بالعرضللمحسوسات و الفاسدات. فإن كل حكم يصح علىالشمس المطلقة يصح على هذه الشمس و كل حكميصح على الغب على الإطلاق فيصح على هذاالغب. و إذا صح أن كل إنسان حيوان صح علىإنسان ما أنه حيوان.
و البرهان إنما لا بد من أن يكون فيه قولكلي ليكون شاملا للكثرة بأن يعطي اسمهوحده للكثرة الجزئية. و يمكن أن يجعل الكليفيه المحكوم عليه بالحكم الكلي حدا أوسطموجبا على الكثرة بالاسم و الحد. فما حكمعليه حكم على الكثرة. و أما الصور فإنها إنكانت موجودة فلا يجب أن يكون الحكم عليهاحكما على الكثرة من الجزئيات الشخصية و لايمكن أن تكون حدودا وسطى في إثبات شيءعلى الكثرة من الجزئيات الشخصية و ذلك لأنالمثل و إن أنزلنا أنها تعطي الكثرةأسماءها فلا يمكننا أن نقول إنها تعطيهاحدودها: لأنه ليس