أن عرض عليه مأخذ بيان شكل هندسي فقررعنده أن المجهول كيف يصاد بالمعلوم بعد أنكان مجهولا. و ليس ذلك بكلام منطقي لأنهبين أن ذلك ممكن فأتى بقياس أنتج إمكان ماكان أتى به مانن بقياس أنتج غير إمكانه ولم يحل الشبهة. و أما أفلاطون فإنه تكلف حلالشبهة و قال إن التعلم تذكر: يحاول بذلكأن يصير المطلوب قد كان معلوما قبل الطلب وقبل الإصابة و لكن إنما كان يطلب إذ كان قدنسي. فلما تأدى إليه البحث تذكر و تعلم:فيكون إنما علم الطالب أمرا كان علمه. فكانأفلاطون قد أذعن للشبهة و طلب الخلاص منهافوقع في محال. و هذا شيء كنا قد استقصيناكشفه في تلخيصنا للكتاب الذي في القياس.لكنا نحن مع ذلك نقول:
إن المطلوب لو كان معلوما لنا من كل جهة ماكنا نطلبه و لو كان مجهولا لنا من كل جهة ماكنا نطلبه. فهو معلوم لنا من وجهين مجهولمن وجه فهو معلوم لنا بالتصور بالفعل ومعلوم لنا بالتصديق بالقوة. و إنما هومجهول لنا من حيث هو مخصوص بالفعل و إن كانمعلوما من حيث لا يخص أيضا بالفعل. فإذاسبق منا العلم بأن كل ما هو كذا فهو كذا منغير طلب بل بفطرة عقل أو حس أو غير ذلك منالوجوه فقد أحطنا بالقوة علما بأشياءكثيرة. فإذا شاهدنا بالحس بعض تلكالجزئيات من غير طلب فإنها في الحال تدخلبالفعل تحت العلم الأول.
و هذا يحاذي من وجه ما أورد مانن من مثالالآبق حذوا بحذو. فإنا نعلم المطلوببالتصور أولا كما نعلم الآبق بالتصور أولاو نعلم ما قبله مما يوصل إلى معرفتهبالتصديق كما نعلم الطريق قبل معرفة مكانالعبد الآبق. فإذا سلكنا السبيل إلىالمطلوب و كان عندنا منه تصور لذاته سابق وطريق موصل إليه فإذا انتهينا إليه فحينئذنكون أدركنا المطلوب كما إذا سلكنا السبيلإلى الآبق و كان عندنا منه تصور سابق لذاتهو طريق موصل إليه