فتوحات المکیة فی معرفة الأسرار المالکیة و الملکیة

ابی عبد الله محمد بن علی الحاتمی الطائی المعروف بابن عربی

جلد 2 -صفحه : 694/ 610
نمايش فراداده

يضفه إلى القدرة التي يقع الخلق و الجعلبها و الكتب الإلهية من هذا مشحونة و يحتويعليها هذا المنزل و الصحيح في ذلك أنالموجودات إذا كانت كما قد ذكر لها أعيانثابتة حال اتصافها بالعدم الذي هو للممكنلا للمحال فكما أبرزها للوجود و ألبسهاحاله و عراها عن حال العدم فيسمى بذلكموجدا و تسمى هذه العين موجودة لا يبعد أنيردها إلى ما منه أخرجها و هي حالة العدمفيتصف الحق بأنه معدم لها و تتصف هي بأنهامعدومة و لا يتعرض إلى العلم بأية صفة حصلذلك فإن سألنا ألحقنا حصول الأمرين والحالتين بالمشيئة و يسلم ذلك الخصمان وإذا سألنا عن إلحاق تلك العين بالوجودنسبنا ذلك إلى القدرة و المشيئة و يسلمالخصمان لنا ذلك فإذا فهمت ما أردناهفالحق الكل بالمشيئة و هو الأولى و الأوجهحتى تسلم من النزاع في صنف الخبر من ذلكحتى لا يتصور نزاع فيه من جميع الطوائف ومن هذا الباب ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ أيأزاله عن أبصارهم و لكن لا يلزم من ذهابهعن أبصارهم الحاقة بالعدم لو لا إنالمفهوم منه أن الله أعدم النور منأبصارهم وَ تَرَكَهُمْ في ظُلُماتٍ لايُبْصِرُونَ و من علوم هذا المنزل بعثالحق تعالى الجماعة لأمر يقوم به الواحدمنهم أعني من تلك الجماعة و من علوم هذاالمنزل وجود العلم عن النظرة و الضربة والرمية و كيف تقوم هذه الأمور مقام كلامالعالم للمتعلم و ذوقنا من هذا الفن ذوقالنظرة

النظر بنور الشمس يتضمن جميع المرئياتعلى كثرتها و بعدها

فاعلم أنه كما يتضمن النظر بنور الشمسجميع المرئيات على كثرتها و بعدها في غيرزمان مطول بل عين زمان اللمحة زمان بسطالنور على المبصرات عين زمان إدراك البصرلها عين زمان تعلق العلم بما أدركه البصرمن غير ترتيب زماني و لا امتداد و إن كانالترتيب معقولا مثل ترتيب العلة و المعلولمع تساوقهما في الوجود كذلك اللحظة أوالضربة أو الرمية تتضمن العلوم التي أودعالله فيها فإذا وقعت من الضارب أو الراميأو اللاحظ أدرك من العلم جميع ما في قوةتلك الضربة مثل ما أعطت اللحظة بنور الشمسجميع ما في قوة تلك اللحظة من المبصرات وليس القصور من الضربة و غيرها فإنها تتضمنما لا نهاية له من العلوم كما تشرق الشمسعلى أكثر مما يدركه البصر و إنما القصور فيقلب المدرك مثل القصور في المبصر عن إدراكجميع ما أشرقت عليه الشمس و هذا كله في آنواحد إن كان المدرك ممن يتقيد بالزمانكالأرواح التي لا تتصف بالتحيز فتدرك ماتدركه في غير زمان مما يدرك في زمان و فيغير زمان و لهذه الإشارة بقوله صلّى الله عليه وسلّم إن الحق ضربهبيده بين كتفيه أو في ظهره فوجد بردالأنامل بين ثدييه أو في صدره فعلم علمالأولين و الآخرين‏ فسبحان معلم من شاء بما شاء كيف شاء لا إلهإلا هو العليم القدير و كذلك من هذا البابلما رمى التراب في وجوه الأعداء يوم حنينفأصابت عيون القوم فانهزموا فانظر ماتضمنته تلك الرمية و ما تضمنته تلك الضربةو أما لنظرة فما رويتها عن أحد و لا سمعتهاعن أحد لكني رأيتها من نفسي نظرت نظرةفعلمت ما تضمنته من العلوم و أعطيت نظرةفنظرت بها فعلمت بها من نظرت إليه من جميعما تضمنته تلك النظرة من العلوم و هذا هوعلم الأذواق و من هنا يعلم قول من قال يسمعبما به يبصر بما به يتكلم هذا مضى و أمافائدة ما يقوم به الواحد بما تبعث بهالجماعة فللإنعام الإلهي بتلك الجماعة وعناية الحق بهم حيث جعل لهم نصيبا في ذلكالخير لا لقصور القدرة عن إبلاغ الواحدذلك الأمر دون الجماعة إلا أن تكون حقائقالنسب فإن ذلك ترتيب حقيقي لا وضعي كتقدمالحي على العالم و دخول المريد تحت إحاطةالعالم و دخول القادر تحت إحاطة المريدفلا يقوم المريد بما يختص به القادر و لايقوم العالم بما يختص به المريد و لا يقومالحي بما يختص به العالم و لا يقوم العالمبما يختص به الحي و لا يقوم المريد بمايختص به العالم و لا يقوم القادر بما يختصبه المريد و عين العالم هو عين الحي عينالمريد عين القادر و عين الحياة هي عينالعلم عين الإرادة عين القدرة و عينالحياة هي عين الحي عين العالم عين المريدعين القادر و كذلك ما بقي فالنسب مختلفة والعين واحدة و المعلوم صفة و حال و موصوففالجمع في عين الوحدة مندرج حكما لا عينافإنه ما ثم أعيان موجودة لهذا المجموع وإنما هي عين واحدة لها نسب مختلفة تبلغ مابلغت فهذا هو السريان الوجودي فيالموجودات فهذا من قيام الواحد بما تقومبه الجماعة بين موجود و معقول فهذا المنزليتضمن ما ذكرناه و من علوم هذا المنزلمعرفة استحالات العناصر و المولدات بعضهاإلى بعض بنسبة رابطة بين المستحيل والمستحال إليه فإن ارتفعت تلك النسبةالرابطة لم يستحل شي‏ء إلى شي‏ء فإنهمنافر له من جميع الوجوه و لهذا كانتالنسبة بين الرب و المربوب‏