موجز فی أصول الفقه

جعفر السبحانی‏

جلد 2 -صفحه : 189/ 126
نمايش فراداده

الثاني: انّ الأحكام الشرعية تابعةلمصالح ومفاسد شرعية، فالأمر بالصلاةلمصلحة قائمة بالمتعلق وقد دعا الشارع إلىإيجابها، وحينئذ فلو أتى بالأكثريعلمبحصول المصلحة بخلاف ما إذا أتىبالأقل فتكون مشكوكة الحصول معانّالمصلحة يلزم تحصيلها لانّها من قبيلالدواعي والأغراض للمولى.

يلاحظ عليه: انّ متعلّق الأمر يتصور علىقسمين:

تارة يكون تحصيل الغرض متعلقاً بالأمرمباشرة وبلا واسطة، كما إذا قال المولى:حضِّر دواءاً يشفي من المرض، فشكّ في انّمحصِّل الغرض تسعة أجزاء أو عشرة ففي مثلهيجب الاحتياط لانّ المأمور به هو مفهومبسيط لا قلة فيه ولا كثرة أعني «الشفاء منالمرض»، وإنّما القلة والكثرة في محصِّلهالذي ليس بمأمور به.فتحصيل اليقينبالإتيان بالمأمور به رهن الإتيانبالأكثر.

وأُخرى يكون العنوان المنحلّ إلى عدّةأجزاء، متعلقاً للأمر والغرض مترتباًعليه لا متعلقاً للأمر، ففي مثله يكوننفسُ الواجب ـ عند التحليل ـ مرداً بينالأقل والأكثر فيؤخذ بالمتيقن وتجريالبراءة في الأكثر.

واحتمال انّ غرض المولى ربما لا يكونحاصلاً بالأقلّ، غير ملزِم بالنسبة إلىالمكلّف إذ الواجب عليه تحصيل غرضه حسب ماقامت الحجّة على مدخليّته في الغرض. وأمّاالمشكوك في مدخليته فلا دليل على تحصيله،ولو كان للمولى إرادة جدّية تتعلق بحصولالغرض المترتب على المأمور حتى في حالةجهل المكلّف بالجزء، لكان عليه إرشاده إلىكيفية تحصيله من خلال فرض الاحتياط عليهعند الشك في الجزء، كأن يقول: إذا شككت فيجزئية شيء يجب عليك الاحتياط والمفروضانتفاءه.