علمه الغيبي، و إنما يعمل الموازين والحجج الظاهرية، فلا يتضمن القول المذكورحينئذ نحوين من الحجية، بل نحوا واحدا.ففرق بين أن يقال جعلت الحجية في بابالقضاء لما هو حجة، أو يقال: لا اعتمد فيباب القضاء على علم الغيب بل على الحجة،فإن الأول تستفاد منه حجية في المرتبةالسابقة على الحجية القضائية، بخلافالثاني.
ثالثها:
ان يقال إن قوله: «اقضى بينكم بالبينات»بعد ضم الصغرى اليه المتحصلة من فعل النبيو تطبيقه لعنوان البينة على شهادة عدلين،الذي هو أمر معلوم و واضح، يدل على أنشهادة عدلين بينة، أي مما يبين المطلب ويوضحه، و هذه الدلالة و إن لم يكن لهاإطلاق في نفسها، و لكن بضم ارتكازية حجيةالبينة عقلائيا، ينعقد لمثل تلك الدلالةظهور في إمضاء ما عليه العقلاء من حجيةالبينة، و بذلك يكسب الدليل الإطلاق منإطلاق الارتكاز الممضى. فإن الأدلة التيتتكفل قضايا مركوزة عقلائيا ينشأ لها ظهورفي إمضاء الارتكاز، بنحو يكون مفادهاتابعا لدائرته سعة و ضيقا، و لعل هذاالتقريب أوجه من سابقيه.
الثاني من الوجوه الدالة على حجية البينة:الاستدلال برواية مسعدة ابن صدقة،
التي ورد في ذيلها: «و الأشياء كلها علىهذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم بهالبينة».
و قد يستشكل في ذلك: باختصاصها بحجيةالبينة في مقابل الحل المشار إليه بكلمة(هذا)، لا في مقابل الطهارة. و بعد فرضالتجاوز عن هذا الإشكال، أما بدعوى إلغاءالعرف لخصوصية الحل في مقابل الطهارة، وفهمه جعل الحجية للبينة في مقابل الأصول والقواعد الترخيصية أو بتوسيع نطاق الحل وإعطائه معنى يشمل الحلية الوضعية على نحوتكون