يسجّل القرآن الكريم صراحةً: «لَيْلَةُالْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ»الأمر الّذي يدلّل على الطابع الاستثنائيالمتميّز لهذه البرهة الزمنية وما تنطويعليه من فرادة في بركاتها، على النحوالّذي يعادل العمل الصالح فيها؛ العملَالصالح خلال عمر طويل ينوف على الثمانينعاماً!
تجاوباً مع هذا المعنى، جاء في تفسيرالآية ما نصّه:
«العَمَلُ الصّالِحُ فيها مِنَالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وأنواعِ الخَيرِ،خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ لَيسَفيها لَيلَةُ القَدرِ». (136)
وهذا الثراء العريض في بركات هذه اللّيلةوغناها، هو الّذي يفسّر في الحقيقة حثّالنَّبي والأئمّة وتحريضهم المسلمين علىأن ينتفعوا من ليلة القدر لحظة فلحظة،حتّى نهى النَّبي صلّى الله عليه وآله منالنوم في اللّيلة الثالثة والعشرين من شهررمضان (137)، وهو الّذي يفسّر أيضاً حرصبضعته البتول السيّدة فاطمة الزهراءعليها السلام على ألّا ينام أحد من أهلبيتها في هذه اللّيلة (138).
أجل، إنَّ من يعيش نعمة الإيمان بالقرآن،ويدرك أنَّ العملَ في ليلة واحدة يعادل فيبركاته لحياته الخالدة وعطاءاته لتلكالحياة الأبدية، العملَ خلال عمر طويل، لايسعه التفريط بهذه الفرصة الثمينةالغالية والهبة الّتي لا تضاهى.
تفيد عمليّة دراسة آيات سورة القدروتحليل النصوص الإسلامية، أنَّ ليلةالقدر لاتختصّ بزمان نزول القرآن وبعصرالنَّبي صلّى الله عليه وآله، وإنَّماهي دائمة مستمرّة منذبداية خلق الإنسان،وأوّل وجوده إلى نهاية العالم وآخر وجودالإنسان فيه، وذلك للاعتبارات التالية: