والأنصار والذين لهم في قريش زعامةومكانة، وقد علمت من رسول الله صلّى اللهعليه وآله وسلّم كما علم أكثر أصحابه بأنأيّامه أصبحت معدودة ولعلّها كانت على رأيعمر بن الخطاب في أنّ رسول الله أصبح يهجرولا يدري ما يفعل، فدفعتها غيرتها القاتلةأن تتصرّف بما تراه يرفع من شأن أبيهاوقدره مقابل منافسه علي، ولكلّ ذلك أنكرتأن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّمأوصى لعلي ولذلك حاولت إقناع البسطاء منالنّاس بأن رسول الله صلّى الله عليه آلهوسلّم مات في حجرها بين سحرها ونحرها ـولذلك حدّثت بأنّ النبي صلّى الله عليهوآله وسلّم قال لها وهو مريض ادع لي أباكوأخاك لأكتب لهم كتاباً عسى أن يدّع مدّعوأبى الله ورسوله والمؤمنون إلاّ أبا بكرفهل من سائل يسألها: ما الذي منعها مندعوتهم؟
والباحث في موقفها تجاه أبي الحسن يجدأمراً عجيباً وغريباً. ولا يجد له تفسيراًإلاّ الغيرة والعداء لأهل بيت النبي صلّىالله عليه وآله وسلّم وقد سجّل لهاالتاريخ كرهاً وبغضاً للإمام علي لم يعرفله مثيل وصل بها إلى حدّ أنّها لا تطيق ذكرإسمه(1) ولا تطيق رؤيته وعندما تسمع بأنّالناس قد بايعوه بالخلافة بعد قتل عثمان،تقول: وددت لو أنّ السّماء انطبقت علىالأرض قبل أن يليها ابن أبي طالب. وتعمل كلجهودها للإطاحة به وتقود ضدّه عسكراًجرّاراً لمحاربته، وعندما يأتيها خبرموته تسجد شكراً لله.
ألا تعجبون معي لأهل السنّة والجماعةالذين يروون في صحاحهم بأنّ رسول اللهصلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «يا علي لايُحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّمنافق»(2)، ثم يروون في صحاحهم ومسانيدهموتواريخهم بأن عائشة تبغض الإمام علي ولاتطيق ذكر إسمه، أليس ذلك شهادة منهم علىماهية المرأة؟ كما يروي البخاري في صحيحهأن رسول الله صلّى الله
(1) صحيح البخاري: 1/162 و3/135 و5/140. (2) صحيح مسلم: 1/61. صحيح الترمذي: 5/306. سننالنسائي: 8/116.