نور الأبصار فی أحوال الأئمة التسعة الأبرار

محمدمهدی المازندرانی الحائری؛ مترجم: عبدالحسین الشیخ حسن الصالحی

نسخه متنی -صفحه : 456/ 202
نمايش فراداده

«200»

إلى أن صار وسط الشجرة خالياً كهيئةالزوارق، وكان يسع اثنى عشر نفراً يقعدونفيه. فلمّا رأينا كذلك شكرنا الله تعالىعلى هذه النعمة وإهداء الغلامين على هذاالعمل وطاعتهما لنا، وأمّهما كانت في غايةالسرور والفرح والحثّ على إتمامهاوترتيبهما لما نالها من الوحشة وألم العرىوالغربة، وفقد جميع الأشياء وما يتعيّشونبه، وفقد المنزل والمأوى.

ولمّا تمّ الزورق، عمدوا إلى حمل القير منسفح جبل قريب كان من حوالي الجزيرة، وكانفي غاية الإرتفاع، وكان في خلف الجبل غيضةأشجارها قرنفل، وكان النحل يأكلون في فصلالربيع من أزهارها ويأون إلى قلّة الجبل،فيجتمع لسببها فيها عسل كثير، يأتي المطرفيغسله ويجريه إلى البحر، فتشربهالحيتان، ومن شمعه يحصل العنبر الأشهب،وفي وقت الجريان من الجبل يبقي شيئاًفشيئاً في سفح الجبل منه في كلّ يومأمناناً، إلى أن جمع مائة منّ وضعنا منه فيالزورق حوضاً، ووضعنا فيه منه ظروفا،وحملنا الماء منها إلى الحوض حتى ملأ منه،ثمّ جمعنا طعاماً من الأصول المعروفةبچيني وكان كثيراً في الجزيرة، ثمّ صنعنامن لحاة الأشجار حبالاً وثيقةً وشددنا بهارأس الزورق، وربطناه برأسها الآخر علىشجرة عظيمة.

ثمّ انتظرنا أيام مدّ البحر وزيادة مائهإلى أن بلغ وقته ووقع الزورق فوق الماء،فحمدنا الله تعالى وجلسنا فيه، فلم يتحرّكمن مكانه، فتأمّلنا فإذا برأس الحبل مشدودعلى الشجرة، ونسينا أن نفكّه، فأراد أحدالغلامين أن ينزل، فنزلت أمّهما قبلهماوفكّت الحبل، وأخذ الموج الحبل من يدهاوأذهب بالزورق إلى وسط البحر، فأخذتالمرأة في البكاء والنحيب والصياحوالعويل والحركة من طرف إلى طرف، فلمّابعدنا منها صعدت إلى شجرة تنظر إليناوتبكي وتتحسّر، فلمّا غبنا طرحت نفسهامنها. والغلامان لمّا يئسا منها شرعا فيالبكاء والأنين والقلق والإضطراب إلى أنوصلنا قبّة البحر، خافا من نفسهما فسكتا،فلمّا مضى علينا