كان روحي له الفداء أشفق الناس، وأرأفالناس، وأسخى الناس، كان يتفقّد الفقراءويوصل إليهم ممّا رزقه الله. قال المعلّىبن خنيس: خرج أبو عبدالله (عليه السلام) فيليلة قد رشّت السماء، وهو يريد ظلّة بنيساعدة، فأتبعته، فإذا هو قد سقط منه شيء،فقال: بسم الله اللهمّ ردّه علينا. قال:فأتيته فسلّمت عليه، فقال: معلّى؟ قلت:نعم، جعلت فداك. فقال لي: إلتمس بيدك، فماوجدت من شيء فادفعه إليّ. قال: فإذا أنابخبز منبشر، فجعلت أدفع إليه ما وجدت،فإذا انا بجراب من خبز، فقلت: جعلت فداك،أحمله عليّ عنك. فقال: لا، أنا أولى به منك،ولكن امض معي.
قال: فأتينا ظلّة بني ساعدة، فإذا نحنبقوم نيام، فجعل يدسّ الرغيف والرغيفينتحت ثوب كلّ واحد منهم، حتى أتى على آخرهم،ثمّ انصرفنا. فقلت: جعلت فداك! يعرف هؤلاءالحقّ؟ فقال: لو عرفوا لواسيناهمبالدقّة(1).
في البحار: كان جعفر بن محمّد (عليهالسلام) يطعم الناس حتى لا يبقى لعيالهشيء.
قال أبو جعفر الخثعمي: أعطاني الصادق(عليه السلام) صرّة فقال لي: إدفعها إلى رجلمن بني هاشم ولا تعلمه إنّي أعطيتك شيئاً.قال: فأتيته وأعطيته، قال: جزاه اللهخيراً، ما يزال كلّ حين يبعث بها فنعيش بهإلى قابل، ولكنّي لا يصلني جعفر بدرهم فيكثرة ماله.
روي أنّ سائلاً سأله حاجة، فأسعفها، فجعلالسائل يشكره، فقال (عليه السلام):
(1) الدقّة: بالكسر الملح المدقوق.