وجیزة حول أسرار الحج

عبدالله الجوادی الطبری الآملی‏؛ مترجم: محمدجواد حجتی کرمانی

نسخه متنی -صفحه : 70/ 19
نمايش فراداده

رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً(سورة إبراهيم آية 35).

و لعل سر التفاوت في التعبير هو بلحاظ كونذينك الدعائين في زمانين مختلفين احمدهماقبل تحقق البلد و بناء مكة و ثانيها بعدبناء مكة و تحقق البلد.

و كيف كان فقد جعل اللّه البيت حراما ووصفه به حيث قال في كتابه «الْبَيْتَالْحَرامَ» و قال: و من دخله كان آمنا. و منذاك الأصل ما تنعم به قريش حيث انه تعالىأَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْمِنْ خَوْفٍ.

الصلة الثامنة في ان الكعبة البيت الحرامقيام للناس‏

ان المراد من القيام المطلوب في قولهتعالى إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍأَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ هو المقاومة والاستقامة لا الانتصاب البدني و هو واضح ويقابله القعود بمعنى العجز و و الاستكانةو الانظلام و لذا جعل الجهاد و القعودمتقابلين حيث قال تعالى فَضَّلَ اللَّهُالْمُجاهِدِينَ (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) عَلَى الْقاعِدِينَدَرَجَةً، فالمجاهد الذي يجاهد اهوائهكما يجاهد أعدائه فهو قائم و الذي يتصالحمع هواه كما يصالح عدوه فهو قاعد و الدينالإلهي يتلخص في قوله تعالى إِنَّماأَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ و هو يفيد الحصر اىلا موعظة الا بخصلة واحدة و هو القيام للّهاى المقاومة لإحياء أمر اللّه و الاستقامةفي امتثال حكمه و هذا هو المعبر عنهبالجهاد فالدين الإلهي متبلور فيالمجاهدة لا غير و الجهاد مع الأهواء والأعداء قيام و إعطاء الأعداء باليد والتسليم لهم أو الفرار منهم قعود و عجز.

و لعل التعبير عن المجاهدة بالقيام لأنهمن بين سائر الحالات و الشؤن أقوى الحالة وأشدها دفاعا و اهيائها دعا و دفعا أوتحاملا و تهاجما فالدين قيام و جهاد لايحوم حوله القعود و العجز كما قال تعالىلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنابِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُالْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَالنَّاسُ بِالْقِسْطِ (سوره حديد 25) حيثيدل على ان الهدف السامي للنبوة العامةالسارية في سير الأنبياء الذين يسيرونعليها و يدعون إليها انما هو قيام الناسبالقسط (بالكسر) و تحرزهم عن القسط (بالفتح)و اجلى مراتب القيام بالقسط