ثم يتحمل منها هذا القول الغليظ و الكلام الشديد فى دار الخلافة، و بحضرة قريش و الصحابة، مع حاجة الخلافة الى البهاء و التنزيه، و ما يجب لها من الرفعة و الهيبة. ثم لم يمنعه ذلك أن قال- معتذرا أو متقربا كلام المعظم لحقها المكبر لمقامها الصائن لوجهها المتحنن عليها-: فما أحد أعز على منك فقرا، و لا أحب الى منك غنى، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: «أنا معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة».
قيل لهم: ليس ذلك بدليل على البرائة من الظلم، و السلامة من الجور، و قد يبلغ من مكر الظالم و دهاء الماكر- اذا كان أريبا و للخصومة معتادا- أن يظهر كلام المظلوم، و ذلة المنتصف، و حدب الوامق، و مقة المحق
تلخيص الشافى: ج 3 ص 152 و 153. عن العباسية للجاحظ. و قال المعلق ص 151: ان كتاب العباسية قد طبع ضمن رسائل جمعها و حققها و شرحها الأستاذ حسن السندوبى، و أسماها «رسائل الجاحظ» و رقم هذه الرسالة (12) و قد طبعت فى المطبعه الرحمانية بمصر سنة 1352. و ذكر هذه الفقرات أيضا السيد القزوينى فى كتابه: فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ص 420 عن رسائل الجاحظ ص 300- 303.