وبالجمله، بينت الدعوه الال-هيه الخاتمه، ان الحديث عن النبى الخاتم(ص)، لا غنى للمسيره عنه، لانه مكمل للتشريع ومبين لمجملات القرآن، ومخصص لعموماته ومطلقاته، كما ان الحديث تكفل بكثير من النواحى الاخلاقيه والاجتماعيه والتربويه، واخبر فيه النبى(ص) بالغيب عن ربه جل وعلا، فبين للناس ما يستقبلهم من احداث لياخذوا باسباب النجاه من مضلات الفتن، وبعد رحيل النبى الخاتم(ص) اجتهد بعض الصحابه فى امر الروايه والتدوين، ولقد تواترت الاخبار فى منع عمر بن الخطاب الصحابه، وهم الثقات العدول، وردعهم عن روايه العلم وتدوينه، وفى هذا يقول ابن كثير: (هذا معروف عن عمر)(122)، ثم سار على سنه عمر خلفاء وملوك بنى اميه، ولم ترو الاحاديث الجامعه للعلم والمبينه للناس ما يستقبلهم من احداث، الا فى عهد الامام على بن ابى طالب(123).
كانت اهم آثار عدم الروايه، ظهور القص فى المساجد، ومن خلال القص دخلت الاحاديث الاسرائيليه، ورفع القص من شان افراد وقبائل ذمهم اللّه على لسان رسوله، وفى الوقت نفسه عتم القص على افراد اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وفى عهد الامام على -وعندما اظهر الامام احاديث رسول اللّه- قابله اهل الشام وغيرهم باحاديث يجرى القص فى عروقها، وترتب على ذلك اختلاط الامور على السواد الاعظم من الامه، ولم يكونوا من الصحابه حتى يميزوا بين الصالح والطالح، وجرت المعارك، ثم اختلفت الامه وتفرقت، وكان فى حوزه كل فرقه احاديث تتفق مع اهواء شيوخهم.
قال رسول اللّه(ص): (ان بنى اسرائيل لما هلكوا قصوا)(124)، وقال: (سيكون بعدى قصاص لا ينظر اللّه اليهم)(125)، واول من امر بالقص، كان عمر بن الخطاب، روى الامام احمد عن السائب بن يزيد قال: (انه لم يكن يقص على عهد رسول اللّه(ص)، ولا ابى بكر، كان اول من قص تميم الدارى، استاذن عمر ان يقص على الناس قائما فاذن له)(126).