( 32 )
الراسمالية ، فبعد مائتي سنة من التجربة القضائية الرأسمالية يواجه المجتمع الرأسمالي اسوأ مشاكله الاجتماعية المتعلقة بنظام العقوبات . فثلاثة ارباع المنحرفين الذين يطلق سراحهم من السجون بعد قضاء مدد عقوباتهم يعتقلون مرة اخرى لارتكابهم جرائم جديدة مشابهة لجرائمهم الاولى . ويحتمل ان الربع الاخير من هؤلاء يرتكب جرائم جديدة ولكنه يفلت من العقوبة لسبب من الاسباب .
وهذا يبين لنا فشل نظام العقوبات الرأسمالي وفشل نظام السجون بالخصوص . فلو كانت السجون مدارس لتهذيب المنحرفين كما يزعم المقننون للنظام القضائي الرأسمالي لما عاد ثلاثة ارباع المنحرفين الى سابق عهدهم من الاجرام ، فاين موقع السجون في عملية اصلاح وتغيير وتأديب شخصية المنحرف ؟ واين موقع العدالة الاجتماعية في نظام العقوبات ؟ اليس الاولى للنظام دراسة منشأ الانحراف لمعالجة اصل المشكلة الاجرامية ؟ اوليس الاجدى بالنظام الرأسمالي سد حاجات الافراد الفقراء واشباعها ، خصوصاً اذا كان الانحراف ناشئاً من عدم اشباع تلك الحاجات ؟
ونضيف ملاحظة اخرى الى فشل نظام السجون في تهذيب الانحراف . فالسجن في نظام العقوبات الرأسمالي جهاز تخدير وليس جهاز تأديب . حيث يواجه السجين خلال قضائه مدة العقوبة نظاماً تنفيذياً يصهر بموجبه المنحرف مع بقية المنحرفين ، ويقطعه عن الاختلاط بافراد المجتمع من ذوي السلوك السليم . وهذا بدوره يشجع المنحرف على الانحراف اكثر مما يشجعه على سلوك منهج الاصلاح والتأهيل .
ولما كانت فكرة السجون ، هدفاً ووسيلة ، قد اثبتت فشلها في نظام