من أخلاق الإسلام العظيمة حفظ الجوار فهو من الفضائل التي دعا إليها الله في كتابه العزيز، وهو نعمة من نعمه لأن الجار إذا كان صادقاً في قوله وأميناً في معاملته، وحافظاً حقوق جاره يكون الجار الآخر في أمن وأمان واطمئنان منه، إذ أنه يحفظه حاضراً وغائباً.
والجار الأمين صديق لجاره وأنيس له، يساعده في حاجاته، ويعوده في مرضه ويخفف عنه أثناء شدته يقول المثل السائر: اسأل عن الجار قبل الدار، وعن الرفيق قبل الطريق. وقال بعضهم: إذا بعت داري فلا أبيع جاري.
وروي عن لقمان أنه قال لابنه:
فمن أين لنا في هذه الأيام الجار الكريم الذي يعرف واجبه تجاه جاره؟!! الحياة الإنسانية حياة اجتماع وسعادة، والوحدة بين الشر أمر طبيعي دعت إليها الحاجة الحياتية. من هنا قال علماء الاجتماع: الإنسان مدني بالطبع. لأن الإنسان بطبيعته وطبعه اجتماعي ألوف ولا خير في امرئ لا يألف ولا يؤلف. قال عزّ وجلّ في التآزر والتكاتف: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا..)271 وقال الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): (الجيران ثلاثة: جار له حق واحد، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق. فالجار الذي له ثلاثة حقوق، الجار المسلم ذو الرحم، فله حق الجوار، وحق الإسلام، وحق الرحم. وأما الذي له حقان: فالجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام، وأما الذي له حق واحد فالجار المشرك.272
وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): (وأما حق جارك، فحفظه غائباً، وإكرامه شاهداً، ونصرته إذا كان مظلوماً، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوء سترته عليه، وإن علمت أنه قبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله).
والإمام الكاظم (عليه السلام) أوصى أصحابه بالإحسان إلى الجار والصبر على تحمّل الأذى والمكروه منه قال (عليه السلام):
(ليس حسن الجوار كف الأذى، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى) اللّهم اعطنا القدرة على تحمّل أذى جيراننا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إنك أنت السميع العليم.