الأعلم أن الشاهد فيه جزم تأتها بـ (أنّى) لأنَّ معناها (أين ومتى) وكلاهما للجزاء، وكان قد استشهد بقول الشاعر:
على (أنّى) تُجرّ بـ (من) ظاهرة .
ذكرها سيبويه في ثلاثة مواضع، عندما تكلم على (إن) وعدّها من أدوات الشرط، وقال: وترفع الجواب حين يذهب الجزم من الأول في اللفظ، نحو قولهم: أيّهم يأتِكَ تضربْ، ثم قال: فإن قلت: أيُّهم جاءك فاضرب، رفعت لأنه جعل جاءك في موضع الخبر، وذلك لأنّ قوله فاضرب في موضع الجواب، وأيّ من حروف المجازاة.
قال سيبويه «للسؤال عن الزمان بمعنى (متى) » فلم يذكرها من حروف المجازاة.
ذكرها سيبويه في خلال حديثه عن (مهما) وشبهها بـ متى (ما) و(إن ما) و (أين ما) مستشهداً بقوله تعالى: أينما تكونوا يدرككم الموت النساء/78، فكأنه اشترط لعملها دخول (ما) عليها، وأمّا المبرد فقال لا تكون إلا للمكان، واستشهد بقوله تعالى «وأينما» وقول الشاعر:
وجاز دخولها على الاسم كقول الشاعر:
أصلها حيث وهي اسم من أسماء المكان مبهم يفسره ما يضاف إليه، فلما وصلتها (ما) امتنعت عن الإضافة فصارت كـ (إذ) إذا وصلتها (ما) ولا يكون الجزاء في (حيث) حتى يُضمّ إليها (ما) فتصير كلمة واحدة بمنـزلة (إنما) و (كأنما) وليست (ما) فيها بلغو ، وعدم دخول (ما) عليها يجعلها تدخل على الاسم،وإذا دخلت على فعلين جزمتهما قال الشاعر:
وعدّها ابن هشام هنا للزمان، قال: وهذا البيت دليل عندي على مجيئها للزمان.
ذكرها سيبويه مؤلفة من (كل) الظرفية و (ما) المصدرية، ومثِّل لذلك بقولك: كلما تأتيني آتيك، فالإتيان صلة لـ (ما) كأنه قال كلّ إتيانك آتيك، وتشبه في هذا إذا ما.
ثمة خلاف في اعتبار (كيف) أداةً من أدوات الشرط بدءاً من سيبويه الذي ذكر أنه سأل الخليل عن قولـه «كيف تصنعْ أصنعْ» فقال هي مستكرهة، وليست من حروف الجزاء، لأنّ معناها «على أي حال تكن أكن» ، ففي هذا القول تصريح أنها ليست من حروف الجزاء وأكثر ما تكون استفهاماً على ما جاء عن ابن مالك في شرح التسهيل ، وهي اسم لتعميم الأحوال وتسمّى ظرفاً لتأولّها بـ «على أي حال» والدليل على اسميتها جواز الاكتفاء بها مع صحة دخولها على الأفعال، وأضاف ابن مالك: وقد ترد شرطاً في المعنى فحسب، فتقع بين جملتين،ولا تعمل شيئاً حملاً على الاستفهامية لأنها أصل، وقد عقد ابن الأنباري مسألة في كتابه الإنصاف عنوانها «هل يُجازى بكيف » وعرض فيها لرأي الكوفيين الذين أجازوا الجزاء بها، لأنها أشبهت كلمات المجازاة في الاستفهام، أما البصريون فلا ؛ لأنها نقصت عن سائر أخواتها، وعرض لحججهم مؤيدين ما تقدّم من أنها بمعنى (أيّ) وأيّ تغني عنها، وصرّح ابن مالك بعدم اعتدادها من أدوات الشرط وقال: وهو المذهب الصحيح .
فليس ثمة من يذكرها من أسماء الشرط وإن كان بعض المحدثين كما سيأتي قد عدّها من أسماء الشرط بشرطين: اتصال (ما) بها فتصبح (كيفما) وأن يكون فعلها وجوابها بلفظ واحد،كيفما تصنعْ أصنعْ، ولكن عدم ورود شواهد في القرآن الكريم، والشعر المحتج به، والحديث النبوي الشريف وأساليب العربية والخلاف البيّن بين النحويين يجعلنا نتحرج في اعتبارها اسم شرط!!.
عدّها سيبويه (57) بمنـزلة (لو) لأنها لابتداء وجواب، وتحقيق تقابلها عند صاحب الجنى أنك تقول: لو قام زيدٌ قام عمرو، ولكنه لمّا لم يقم لم يقم، ونقل ابن مالك عن سيبويه أنها حرف، وعند أبي علي أنها ظرف، وقال والصحيح قول سيبويه.
أما جوابها فهو فعل ماض مثبت أو منفي بـ (ما)، أو مضارع منفي بـ (لم) ، أو جملة اسمية مقرونة بـ (إذا) الفجائية، أو مقرونة بالفاء، أو يكون ماضياً مقروناً بالفاء، وقد يكون مضارعاً، ويجوز حذف جوابها للدلالة عليه كقوله تعالى: فلما ذهبوا به وأجمعوا يوسف 12/15، وتزاد (أن) بعـدها .
كثر ورود (لو) حتى إنها قُرنت بـ (إن) الشرطية فكان فيها عددٌ من الأحكام التي