أو مضمر مفسر بعد معموله بفعل يشذ كونه مضارعاً دون (لم) ولا يتقدم فيها الاسم مع غير (إن) إلا اضطراراً، وتسمى الجملة الثانية جزاءً وجواباً وتلزم الفاء في غير الضرورة» ، ثم حدّد الفعلين ماضيين أو مضارعين أو مختلفين، وقد رتبهما الرضي بحسب أهميتهما كما يلي:
الأجود مضارعان
ماضيان لفظاً
ماضيان معنى
ماض مضارع
مضارع ماض
ولا يجوز حذف هذين الفعلين من غير الأداة (إن) لأنها أصل الأدوات،وقد تقدم البيت المشهور:
قالت بنات العم...
أما إذا وقع فعل بينهما فيأتي مرفوعاً،أو مجزوماً على البدليَّة كما في الشاهد الثاني، قال الحُطيئة:
وقال عبد الله بن الحر:
وأما إذا دخل على هذا الفعل الفاء أو الواو أو ثم فإنه يُجزم لأن هذه الحروف يُشرِكنَ فيما دخل فيه الأول، ويجوز في هذا الباب أن تُعرب الفاء سببيةً، ولا يجوز في (ثم) لأنَّها لا تنصب بـ (أن) مضمرة .
حـدّد سيبويه هذه المسألة تحديداً في باب سمّاه «هذا باب الجزاء إذا كان القسم في أوله» فأجاز أن تقول: والله إن أتيتني لا أفعل ولم يُجوِّز «والله إن تأتني آتِك» ومحالٌ أن تقول: «والله من يأتني آتهِ» لأنّ اليمين لا يكون لغواً، ويجوز أن تقول: أنا والله إن تأتيني لا آتِك لأنّ الكلام مبني على (أنا) فالقسم هنا لغو .
وقد أفاض العلماء القدامى في هذا الجانب، وكان ملخص كلامهم أنّ القسم والشرط إذا اجتمعا استُغني بجواب ما سبق منهما عن جواب الآخر.
ولا فرق إذا كانت الأداة (إن) أو (لو) أو (لولا) أو أسماء الشرط وأما إذا تقدّم (لو) و (لولا) على القسم فالواجب إلغاء القسم لأنّه جوابهما لا يكون إلاّ جملة فعلية خبرية، ولا يصحّ أن يكون جملة قَسميّة، تقول: «لو جئتني والله لأكرمنّك»، «ولولا زيـدٌ والله لضربتك».
وإذا تقدم القسم على الشرط فإمّا أن يتقدم على القسم ما يطلب الخبر أو لا يتقدم، والأول قد يجيء الكلام عليه في قوله وإن توسط يتقدم الشرط .
ويجوز في الشعر اعتبار الشرط وإلغاء القسم مع تصدره، كقول الأعشى:
وقال:
وقال:
وأما لو عكس الأمر يعني تقدم الشرط على القسم فالواجب اعتبار الشرط ولك بعد ذلك إلغاء القسم نحو: إن جئتني والله أكرمْك، وقد شبه الرضي هذا الباب بباب التنازع، وقال لا استدلال للكوفيين فيه على أن إعمال الأول أولى .
ـ تتمـة:
اختلف العلماء في إعطاء الجواب لأحدهما، ومن قراءة آرائهم وأحكامهم يبدو لنا أن معظمهم يؤيد أن يعطى الجواب للسابق منهما، وعدّ البغدادي هذا قاعدة عامة، واعتبر اللام واقعة في جواب القسم لا (لولا) في قول الشاعر:
وردّ في هذا على ابن مالك الذي جعل الجواب لـ (لو) أو (لولا) سواء تقدّم القسم عليهما أو تأخر عنهما، كقول:
ومثله قول الآخر:
ويبدو أن البغدادي يدافع عن القاعدة التي اعتمدها عامةً فرفض أن يكون الجواب إلا للأسبق ولو كان في الشاهد دليل حسِّي، وبدا هذا في قول الشاعر:
فاعتبر اللام الداخلة على (لولا) زائدة، وأما لام قد بدون لولا فالمشهور أنها لام القسم، وكأنه يرفض أن تكون جواباً لـ (لولا) وهي كذلك، وإلاّ فأين جواب (لولا)؟ وقال قد تحذف هذه اللام من بعد (لو) إذا لم يكن القسم ظاهراً، قال الشاعر: