سوق فی ظل الدولة الإسلامیة

السید جعفر مرتضی العاملی

نسخه متنی -صفحه : 96/ 28
نمايش فراداده

مراقبة الوزن:

وواضح: أن الإنسان إذا أراد أن يبيع سلعة نفسه لغيره، فحين يريد وزنها لذلك الغير، فإنه يستحب له أن يزن له راجحاً، وإذا أراد أن يزن سلعة الغير ليشتريها هو منه، فإنه يستحب له أن يأخذ أقل من حقه.

ولكن حينما يكون وزاناً يزن سلعة هذا ليأخذها ذاك، أو حينما يريد أن يقسم بين الناس ما يوزع عليهم، فإنه لابد وأن يتأكد أولاً من حصول المساواة في الوزن من دون راجحية، ولا مرجوحية. ولاسيما فيما هو من الأموال العامة، ولهذا فإنه إذ أراد التعدي عن هذه الطريقة، فإنه يكون ظالماً متعدياً، وللحاكم ردعه ومنعه عنها، وهذا ما روي لنا عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلا.

فعن عنبسة الوزان، عن أبيه قال: دعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه رجلاً، يقسم زعفراناً بين الناس، فذهب ليرجح، فضرب يده بالدرة، وقال: «إنما الوزن سواء»[86].

كما أننا نراه عليه السلام قد مر برجل يزن الزعفران، وقد أرجح، فقال له: «أتم الوزن بالقسط، ثم أرجح بعد ذلك ما شئت»[87].

وما ذلك إلا من أجل أن تظهر السماحة في البيع، بقرينة إضافة كلمة ما شئت.

وأما ما ورد في نص آخر، من أنه: كان لأهل السوق وزَّان يزن بالأجر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: «زن وأرجح..»[88].

وعن أنس قال: دخلت السوق مع رسول الله صلى الله عليه وآله: فرأى مع أعرابي سراويلاً، ينادي عليه بخمسة دراهم، فتقدم إلىالوزان، وقال: «زن وأرجح..»[89].

وعن أبي عبد الله عليه السلام: «لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان. أو لا يكون الوفاء، حتى يرجح»[90].

فإن ذلك إنما هو للتأكد من حصول الوفاء، حيث إن الرجحان الضئيل يعتبر دليلاً قاطعاً على ذلك.. أما لو أراد المداقة في المساواة، فلربما ينتهي الأمر إلى عدم إيفاء الآخر حقه الذي ثبت له قطعاً.

فإن إتمام الوزن بالقسط يحتاج إلى ذلك الرجحان الضئيل المأمور به، وبعد ذلك يمكن أن يضيف إليه ما شاء سماحة منه، وتفضلاً وتكرماً.

ولكن هذا التكرم وتلك السماحة مما لا مجال له فيما لم يتعلق به حق لأحد بخصوصه، بل يكون الجميع فيه على حد سواء، فلابد من مراعاة المساواة بينهم فيه قدر الإمكان كما ألمحنا إليه.

ولكن مما لا شك فيه: أن هذه الأحاديث تدل على مراقبة النبي صلى الله عليه وآله، والإمام عليه السلام لأمر الوزن في السوق سواء كانت العلة هي ما ذكرناه أم غير.

إجراءات لمكافحة التجارة بالممنو.

ونذكر أمثلة لذلك وه.