قال عبد الله بن عمر: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن آتيه بمدية، وهي الشفرة، فأتيته بها، فأرسل بها فأرهفت، ثم أعطانيها، وقال: اغد علي بها، ففعل.فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة، وفيها زقاق خمر، قد جلبت من الشام، فأخذ المدية مني، فشق ما كان من تلك الزقاق، ثم أعطانيها، وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي، وأن يعاونوني، وأمرني أن آتي الأسواق كلها، فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته، ففعلت، فلم أترك في أسواقها زقاً إلا شققته[91].ونحن... وإن كنا لا نستطيع أن نعتمد على شيء ذي بال يؤيد صحة هذه الرواية، ولكننا.وبملاحظة سائر الموارد، التي واجهناها في هذا الاتجاه لا نستطيع إلا أن نقبل بأن هذا العمل ليس فقط لا ينافي غيره.. وإنما هو ينسجم مع ذلك الغير بصورة واضحة، ومقبول.لاسيما، وأن الخمر، حينما حرمت، فقد حرم معها كل ما يرتبط بها من قريب أو بعي.فقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله أكفأ القدور في خيبر، وأن علياً أحرق البيادر المحتكرة، وأن النبي صلى الله عليه وآله قد أمر بقلع النخلة وإلقائها إلى سمرة بن جندب، إلى غير ذلك مما هو مذكور في هذا البحث.كما أن ثمة رواية أخرى تذكر: أن رجلاً جاء إلى الإمام علي عليه السلام، بنبيذ الجر[92] ليشربه، فسأله عليه السلا.من أين سقيتني؟ قال: من الج.فقال: ائتني به.فابترز، ثم احتمل الجر، فضرب به فانكسر، قال: لو لم أنه عنه إلا مرة أو مرتين..[93].وواضح: أن الخمر مما لا يملك وأن ثمنها سحت، ولا يجوز الاتجار بها، فاستعمل صلى الله عليه وآله سلطته كحاكم، ليمنع من أي انسياق نحو الاتجار بها، وكسب المال عن طريقها.