ويذكر البعض: جعل سلمان ولي الحلاقين، وبلال الحبشي للمؤذنين، وعمرو بن أمية الضمري لسعاة البريد، وقنبر للسواس، وأبي ذر لصناع البراذع وأرحال الجمال الخ[224].ولكن ذلك محل شك كبير، إذ يظهر من ملاحظة الأجواء العامة التي ذكر فيها ذلك: أن ذلك من مجعولات بعض الطوائف الباطنية، أعني طائفة النصيرية فليراجع المراجعون، وليتأمل المتأملون، ليظهر لهم ذلك بجلاء ووضوح.
تولي المرأة للسوق:
ويقولون: إن سمراء بنت نهيك الأسدية، قد تولت الحسبة في مكة أيام الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، وأنه كان لها سوط تعنف به الغشاشين[225].وعلى فرض صحة ذلك، فلابد أن يكون صلى الله عليه وآله قد فوض إليها أمر الإشراف على ما كانت تتولاه النساء من أمور البيع والشراء، وغير ذلك، في السوق.. وأما تولي الأمور التي يتولاها الرجال، فهو امر لم نعهده من المشرع الأعظم صلى الله عليه وآله، ولا من الأئمة الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعي.كما أن وضع المرأة، وطبيعة حياتها، والأحكام المرتبطة بها، وبتعاملها مع الرجال، وتعامل الرجال معها، لا تسمح لها بهذا القدر من الصلاحيات.لاسيما، وأنه قد روي: ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة[226].وأنه لا ينبغي للمرأة أن تتكلم بأكثر من خمس كلمات، عند غير ذي محرم[227].وأنه خير للمرأة: أن لا ترى الرجل، ولا الرجل يراها[228].إلى غير ذلك مما يرتبط بذلك أو يشير إليه، وليس هنا موضع ذكر.لا يتولى السوق صاحب بدع.وبعد.. فقد كتب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام إلى رفاعة بن شداد قاضيه على الأهواز: «لا تول أمر السوق ذا بدعة، وإلا.فأنت أعلم»[229].وذلك لأن صاحب البدعة يحاول أن يستفيد من الضغوط الاقتصادية، ومن موقعه، في الهيمنة على السوق للدعوة إلى بدعته، وترويجها، ونشرها، ثم هو بما يملك من سلطة ونفوذ ـ اللذان يستمدهما من موقعه هذا ـ يكون قادراً على ممارسة الضغوط على الآخرين، لإسكاتهم، ومنعهم من مناهضة بدعته، إن لم يكن لإجبارهم على مساعدته في الوصول إلى ما يريد، بالإمداد المادي تارة، وبما يقدمونه له من تسهيلات في المجالات التي تقع تحت اختيارهم ونفوذهم أخر.