قال ابن الإخوة: «.. وقد كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمر: ألا يذبح من البقر: المخلوع الورك، والأعور، والأعمى، والمخلوع السن، والمريش العنق، والمجنون، والمشقوق الحافر، وما به عاهة، أو مرض ظاهر الخ..» [106].وليس ذلك إلا للحفاظ على سلامة المجتمع من بعض المضاعفات التي ربما تنشأ عن أكل لحوم ما ذكر من الأقسام، فإنه إنما أمر بذلك في أيام خلافته عليه السلام، مع الأخذ بنظر الاعتبار: أن ذبح جميع ما ذكر حلال في الشر.
تدابير وأوامر حكومية، وولايتية:
وبعد.. فإن المورد المتقدم، وكذلك غيره من الموارد، التي سبقت، وستأتي.. لم يصل الأمر فيها بالمسلمين إلى حد الضرورة، لتكون معنونة بالعنوان الثانوي، ولتكون مشمولة لقوله تعالى: {إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[107] أو لقاعدة الحرج المرفوع، أو لغير ذل.وإنما أصدر النبي صلى الله عليه وآله أوامر فيها بما أنه حاكم للمسلمين، وولي لأمورهم، ومدبر لشؤونهم، يهتم بما يصلحهم، ويوفر لهم الخير والرفاه والرخاء، أو يدفع عن بعضهم؛ بعض الأضرار التي ربما يتعرضون لها، بسبب عدم وعيهم، أو عدم التفاتهم إلى ما فيه خيرهم ومصلحتهم.وهذه الأوامر والنواهي تجب طاعتها، والانتهاء إليها، ويستحق المخالف لها اللوم والعقاب.ويمكن إيراد الكثير من الشواهد لهذا النوع من الأوامر والنواهي التدبيرية أو التي صدرت منه صلى الله عليه وآله، أو من خلفائه الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام. من حيث كونه ولياً وحاكماً، لا من حيث كونه نبياً أو مبلغاً للأحكام الثابتة، أو معلماً ومرشداً لها.