وبينما نجد أمير المؤمنين عليه السلام يقدم نصائحه ومواعظه للتجار في الأسواق، سوقاً، سوقاً، فإنه حينما يصل إلى سوق السمك يصدر من موقعه الحكومي السلطوي مرسوماً قانونياً يقضي بمنع بيع السمك الطافي[94] في سوق المسلمين، يقول النص التاريخي في وصف حركة أمير المؤمنين عليه السلام في الأسواق، ونصائحه للتجا.«ثم مر مجتازاً بأصحاب التمر، فقال: يا أصحاب التمر، أطعموا المساكين، يرب كسبكم.«ثم مر مجتازاً، ومعه المسلمين، حتى انتهى إلى أصحاب السمك، فقا.«لا يباع في سوقنا الطافي»[95].فنجد: أن أسلوب كلامه، قد تحول ليصبح وكأنه مرسوم حكومي يقضي بالمنع عن بيع الطافي في السوق، ولاسيما بملاحظة قول.«في سوقنا». ولم يعد كلامه عليه السلام مجرد موعظة، ونصيحة، وإنما أصبح قانوناً حكومياً تدعمه السلطة والقوة من أجل تنفيذ وإجراء الحكم الشرعي الأولي، فهو تدخل مباشر في المرحلة العملية، لتنفيذ الحكم الشرعي، وإجرائه.ويلاحظ: أن ما قاله في سوق التمّارين مثلاً، لم ينظر إلى هذه المرحلة الإجرائية، ولا أصدر قانوناً يقضي بمنع بيع التمر المغشوش مثلاً، وإنما ذكر أمراً أخلاقياً وحث عليه، بخلاف ما صنعه في سوق السمك، كما هو ظاهر.كما ويلاحظ: أنه عليه السلام قد بعث عماراً إلى السوق، فقال: لا تأكلوا الإنكليس من السمك..[96].
ثالثاً: بيع الثمرة:
وسئل أبو عبد الله عليه السلام: «عن الرجل يشتري الثمرة المسماة، من أرض، فتهلك ثمرة تلك الأرض كلها؟ فقا.قد اختصموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فكانوا يذكرون ذلك، فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع، حتى تبلغ الثمرة، ولم يحرمه، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم»[97].وفي رواية أخرى: أنه سأله عن بيع السنتين من ثمر النخيل «قال: لا بأس. قلت: جعلت فداك، إن ذا عندنا عظيم؟ قال: أما إنك، إن قلت ذاك، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أحلَّ ذلك، فتظالموا فقال صلى الله عليه وآله: لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها»[98].