ويظهر: أن مسؤوليات متولي السوق لا تقتصر على الرقابة، وضبط الوضع، وإنما تتعدى ذلك إلى مسؤوليات الحفاظ على الأموال الموجودة في السوق، وغير ذلك.. ولذلك فقد تظهر من هؤلاء المتولين أعمال خيانية في الأموال التي تقع في حيطة مسؤولياتهم ولربما يرتكبون جريمة أخذ الرشوة لتمرير مخالفات معينة أو إعطاء تسهيلات معينة لبعض الناس دون غيره.فنجد أمير المؤمنين عليه السلام يواجه مرتكبي هذه الخيانات بأشد العقوبات، فقد جعل عليه السلام علي بن أصمع على البارجاه[230]، فلما ظهرت خيانته قطع يد.ثم عاش حتى أدرك الحجاج، فاعترضه يوماً، فقال: أيها الأمير، إن أهلي عقون.قال: وبم ذاك؟ قال: سموني عليا.قال: ما أحسنت ما لطفت، فولاه ولاية ثم قال: والله لئن بلغتني عنك خيانة لأقطعن ما أبقى علي من يدك[231].كما أنه عليه السلام قد كتب لرفاعة بن شداد قاضيه على الأهواز في تأديب ابن هرمة، الذي كان على سوق الأهواز فخان ـ كتب إليه كتاباً يقول في.«.. إذا قرأت كتابي هذا، فنحّ ابن هرمة عن السوق، وأوقفه للناس، واسجنه، وناد عليه، واكتب إلى أهل عملك، تعلمهم رأيي فيه، ولا تأخذك فيه غفلة، ولا تفريط، فتهلك عند الله، وأعزلك أخبث عزلة ـ وأعيذك بالله من.فإذا كان يوم الجمعة، فأخرجه من السجن، واضربه خمسة وثلاثين سوطاً، وطف به إلى الأسواق، فمن أتى عليه بشاهد، فحلفه مع شاهده، وادفع إليه من مكسبه ما شهد به علي.ومر به إلى السجن مهاناً منبوحاً[232].واحزم رجليه بحزام، وأخرجه وقت الصلا.ولا تحل بينه وبين من يأتيه بمطعم أو مشرب، أو ملبس، أو مفر.ولا تدع أحداً يدخل إليه ممن يلقنه اللدد، ويرجيه الخلاص الخلوص خ ل، فإن صح عندك: أن أحداً لقنه ما يضر به مسلماً، فاضربه بالدرة، واحبسه حتى يتو.ومر بإخراج أهل السجن في الليل إلى صحن السجن ليتفرجوا ليفرجوا خ ل، غير ابن هرمة، إلا أن تخاف موته، فتخرجه مع أهل السجن إلى الصح.فإن رأيت به طاقة، أو استطاعة، فاضربه بعد ثلاثين يوماً خمسة وثلاثين سوطاً، بعد الخمسة والثلاثين الأول.واكتب إلي بما فعلت صنعت خ ل في السوق، ومن اخترت بعد الخائن. واقطع عن الخائن رزقه[233].