البيع في الظلال:
كما أننا نجد الإمام أبا الحسن الأول عليه الصلاة والسلام، الذي يعلم: أن أوامره التي يصدرها لأمثال هشام بن الحكم لسوف تنفذ بحذافيرها ـ لأنه إنما يتكلم معهم من موقع الإمامة، التي لابد من طاعتها، والانصياع لأوامرها ـ نجده عليه السلام، حينما يمر على هشام بن الحكم وهو يبيع السابري[82] في الظلال، يقول ل.«يا هشام، إن البيع في الظلال غش، والغش لا يحل»[83].وهذا يعطينا: أنه لابد من مراعاة الحالات المختلفة التي من شأنها أن توقع خللاً في التعامل الصحيح، وتوجب الحيف، والتجني على الآخرين، ولو بصورة غير مباشر.كما أننا لابد وأن نشير إلى هذه الدقة المتناهية للتشريع الإسلامي، ومدى حرصه على سلامة المعاملة، ومراعاة أصول الأمانة فيها، حتى في مثل نسبة الانخفاض في مستوى الإدراك ـ بين أن تكون السلعة في الظل، أو في غير الظل.. ولا أعتقد أن تشريعاً، يهتم بالاحتراز عن الغش، حتى ما كان منه بهذا المقدار إلا تشريع الإسلام، الصادر عن الله الحكيم العليم، والرؤوف الرحيم، جل وعلا.الحذر من التخيل الخاطئ:
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: مر النبي صلى الله عليه وآله على رجل، ومعهثوب يبيعه، وكان الرجل طويلاً، والثوب قصيراً، فقال له: إجلس، فإنه أنفق لسلعتك[84].فكما أن النبي صلى الله عليه وآله، لا يريد للمشتري أن يقع في الغبن، ولذلك منع حتى من بيع السابري في الظلال، حسبما تقدم كذلك.. هو لا يريد للبائع أن يتعرض لمتاعب، أو لبخسٍ في حقه. حتى ولو بمثل التخيل الخاطئ، الناشئ من طول رجل حامل لثوب قصير، فيأمره بالجلوس، لتلافي وقوع الراغب في الشراء في وهم خاطئ، بالنسبة لحجم الثوب، وصلاحيته لما يريد له. حيث يتخيله أقصر مما هو عليه في الواقع.