سوق فی ظل الدولة الإسلامیة

السید جعفر مرتضی العاملی

نسخه متنی -صفحه : 96/ 42
نمايش فراداده

«وكل حكرة تضر الناس، وتغلي السعر عليهم، فلا خير فيها»[157].

ولأجل حالة الضرورة هذه، نجد رسول الله صلى الله عليه وآله، كما يستعمل سلطته تجاه المحتكرين، كذلك هو يستعمل سلطته تجاه من يريد الإضرار بالناس، كما كان الحال بالنسبة لموقفه من سمرة بن جندب حيث بلغ من تعنته في أمر نخلته ـ التي كانت في دار شخص آخر ـ ورفضه الاستئذان، حين دخوله إليها ـ بلغ ـ حد الإضرار بذلك الشخص، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقلع النخلة، ورميها إليه[158].

ويلاحظ هنا: أن معاقبة المحتكر قد اقتصرت على الأمور التالي.

1 ـ الضرب الموج.

2 ـ إظهار ما احتكر في بطون الأسواق، وحيث تنظر الأبصار إليه.

3 ـ إحراق ما احتك.

ولكن.. بالنسبة لهذا الأخير قد يرد سؤال، وهو: إنه ما الداعي لإتلاف هذا المال على صاحبه؟ ولماذا لا يباع الطعام بسعر لا يجحف بالفريقين، ويعطى ثمنه.

أو على الأقل لماذا لا يصادر الطعام، ويجعل في بيت مال المسلمين، ليعود نفعه للناس؟.

وللإجابة عن ذلك، نقو.

إن من الممكن أن يكون صاحب هذا الطعام قد لج في خصومته، وأمعن في الإصرار على المخالفة.. حتى استحق التعزير بإحراق ما احتكر عقوبة له، وليعتبر به غيره.

تماماً.. كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقلع النخلة، وإلقائها إلى صاحبها، سمرة بن جندب، الذي لج في خصومته، وأصر على موقفه، رغم تدخل رسول الله صلى الله عليه وآله، ورغم عروض مختلفة عليه، كلها كانت في صالح.

وكما أكفأ رسول الله صلى الله عليه وآله قدور الطعام، حين تعرض المسلمون للحمر الأنسية، بذبحها وأكل لحومها، حسبما ألمحنا إليه فيما سبق.