تربط قراءة يوسف خليف الحنين في المقدمة الطللية في بعده الزماني بالطيف؛ إذ كانت الطيفية هي التعبير الأبرز عن تشبث الذاكرة بماضيها وأصالتها معاً وكان لها دور فني متميز في تشكيل فضاء القصيدة العربية القديمة، تجسد أول ما تجسد في المقدمة الطللية وأصبح عنصرا فنياً مميزاً وظفه الكثير من الشعراء الذين جاءوا من بعد العصر الجاهلي، يقول "كثير عزة"(53):
وأما جميل بثينة فيقول(55):
فالخيال عند الشاعر الجاهلي هو الصانع الأساسي للطَّيْف في الطللية؛ وذلك ما لمحت إليه قراءة "يوسف خليف" إذ ترى أن من خلال الطيف يحاول الشاعر الجاهلي استرداد الماضي المفقود، وبالتالي فهو شكل خفي من أشكال مقاومة الانصياع أمام الزمان السارق للحظة الفرح، أو لنقل هو مظهر لا شعوري من مظاهر إدانة الزمن المسروق. إنه احتجاج مقنع ضد البرهة المفرغة، ومحاولة تعويضية لخلق برهة الفرح المنهوبة، وعليه فالطيف في المقدمة الطللية إدانة للزمن المسروق، ومحاولة تعويضية لخلق برهة الفرح المنهوبة؛ وبذلك يحقق الشاعر الجاهلي حريته اتجاه الردع متيقنا أن الخيال هو المجال الوحيد الذي لا يمكن للقهر أن يقهره، إذ يقوم الخيال عن طريق الطيف بوظيفة تعويضية يحقق التطهير من خلالها. الشيء الذي يجعل منها آلية دفاعية جبارة، وهذا يعني أيضا أن الوظيفة الكبرى للطيف هي صيانة التماسك الداخلي للذات.