وسألته عن دن الخمر يجعل فيه الخل والزيتون أو شبهه ، قال إذا
( 1 ) مرت في التعليقة ( 2 ) من ص 174 .
( 2 ) الوسائل - الباب - 38 - من ابواب النجاسات - الحديث 5 وتمام الحديث في الباب - 27 - من ابواب الاشربة المحرمة - الحديث 8 .
( 3 ) الوسائل - الباب - 37 - من ابواب الاشربة المحرمة - الحديث 3 . ( * )
بل يظهر من بعضها مفروغية النجاسة ، كصحيحة معاوية بن عمار الواردة في الثياب يعملها المجوس ( 2 ) .
ومنها ما هي كصريحة أو صريحة فيها ، كرواية أبي بصير في حديث أم خالد العبدية في التداوي بالنبيذ قال في ذيلها . " ثم قال أبوعبدالله عليه السلام :
ما يبل الميل ينجس حبا من ماء ، يقولها ثلاثا " ( 3 ) وحسنة خيران الخادم أو صحيحته قال :
" كتبت إلى الرجل أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلى فيه أم لا ؟ فان أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم :
صل فيه فان الله انما حرم شربها ، وقال بعضهم :
لا تصل فيه ، فوقع :
لا تصل فيه فانه رجس " الخ ( 4 ) .
ضرورة أن الرجس في الحديث بمعنى النجس ، فان اختلاف الاصحاب لم يكن في استحباب غسله ، بل في نجاسته كما هو واضح ، وصحيحة عبدالله بن سنان قال :
" سأل أبي أبا عبدالله عليه السلام وأنا حاضر أني أعير الذمى ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده علي فأغسله قبل أن أصلي فيه ؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام :
" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الثياب السابرية
يعملها المجوس وهم أخباث ( أخباب ) وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال " الخ . راجع الوسائل - الباب - 73 - من ابواب النجاسات الحديث 1 .
( 3 ) الوسائل - الباب - 20 - من ابواب الاشربة المحرمة - الحديث 2 .
( 4 ) الوسائل - الباب - 38 - من ابواب النجاسات - الحديث 4 . ( * )
" في رجل اشتكى عينيه ، فنعت له بكحل يعجن بالخمر ، فقال :
هو خبيث بمنزلة الميتة ، فان كان مضطرا فليكتحل به " ( 2 ) فان التنزيل منزلة الميتة إما يكون في النجاسة أو مع الحرمة لا في الحرمة فقط ، سيما مع قوله عليه السلام :
" خبيث " وسيما أن الاكتحال ليس بأكل ، وأن الخمر مستهلك في الكحل ، فالانسب فيه النجاسة ، ولا أقل من إطلاق التنزيل .
ومنه يظهر صحة الاستدلال برواية الحلبي قال :
" سألت أبا عبدالله عليه السلام عن دواء يعجن بالخمر لا يجوز أن يعجن إلا به ، إنما هو اضطرار ؟ فقال :
لا والله لا يحل للمسلم أن ينظر اليه ، فكيف يتداوى به ؟ وانما هو بمنزلة شحم الخنزير الذى يقع في كذا وكذا " الخ ( 3 ) تأمل ( 4 ) .
( 2 ) الوسائل - الباب - 21 - من ابواب الاشربة المحرمة - الحديث 5 .
( 3 ) الوسائل الباب - 20 - من ابواب الاشربة المحرمة الحديث 10 .
( 4 ) لعله اشارة إلى أن السائل يكون بصدد السؤال عن حلية التداوي بالمعجون الذى يعجن بالخمر لا عن طهارته ونجاسته أو عن جواز امتزاجه بها وعدمه ، ولهذا قال في جوابه :
" لا يحل للمسلم ، أن ينظر اليه ( * )
كما أن منها موثقة عمار عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث :
" أنه سأله عن الاناء يشرب فيه النبيذ ، فقال :
تغسله سبع مرات ، وكذلك الكلب " ( 1 ) فان اقترانه بالكلب وتنظير الكلب به جعله كالصريح في النجاسة ، وان قلنا بأن السبع استحبابي .
ومنها ما أمر فيها باهراق ملاقيها ، كرواية زكريا بن آدم قال :
" سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير ، قال :
يهراق المرق أو تطعمه أهل الذمة أو الكلب ، واللحم اغسله وكله ، قلت :
فانه قطر فيه دم ؟ قال :
الدم تأكله النار إنشاء الله ، قلت :
فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم ؟ قال :
فقال :
فسد ، قلت :
أبيعه من اليهود والنصارى وأبين لهم ؟ قال :
نعم ، فانهم يستحلون شربه ، قلت :
والفقاع هو بتلك المنزلة إذا قطر في شئ من ذلك ؟ قال :
فقال :
اكره أن آكله إذا قطر في شئ من طعامي " ( 2 ) .
( 1 ) الوسائل - الباب - 35 - من أبواب الاشربة المحرمة - الحديث 2 .
( 2 ) الوسائل - الباب - 38 - من ابواب النجاسات - الحديث 8 . ( * )
" يستحلون شربه " إشارة إلى ملازمة الحرمة والنجاسة وإلا فمجرد حرمة الخمر أو الدم مع استهلاكهما لا يوجب التحريم .
وحسنة عمر بن حنظلة قال :
" قلت لابي عبدالله عليه السلام :
ما ترى في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتى تذهب عاديته ويذهب سكره ؟ فقال :
لا والله ولا قطرة قطرت في حب إلا أهريق ذلك الحب " ( 1 ) وإطلاقها يقتضي لزوم إهراق كل ما لاقاها ولو مثل الزيت والدبس ، ومع عدم النجاسة يكون الاهراق بعيدا مع استهلاكها ، واحتمال أن يكون ذلك لاجل المبالغة في أمر الخمر وشربها أيضا بعيد ، لامكان بيان حرمتها والمبالغة فيها بنحو آخر غير الامر باهراق مال محترم .
وفى مقابلها روايات استدل بها للطهارة ربما يقال ببلوغها اثنتى عشرة ، وهو غير ظاهر ، إلا أن يلحق بها بعض أدلة النجاسة ، كرواية اعارة الثوب لمن يعلم أنه يشرب الخمر ، حيث أجاز الصلاة فيه قبل غسله ، ورواية دلت على جواز الصلاة فيما يعمله المجوس وهم يشربون الخمر ، وغيرهما ، وقد مر أنها ظاهرة في مفروغية نجاستها .
فمما استدل عليها :
صحيحة أبي بكر الحضرمي قال " قلت لابي عبدالله عليه السلام :
أصاب ثوبي نبيذ أأصلي فيه ؟ قال :
نعم قلت :
قطرة من نبيذ قطر في حب أشرب منه ؟ قال :
نعم إن أصل
" أصل النبيذ حلال " الخ على حلية نفس النبيذ وحرمة نفس الخمر ، وإلا فما يؤخذ منه الخمر حلال بالضرورة إلا أن يراد من الاصل حال الغليان قبل صيرورته خمرا ، وهو كما ترى .
ولا تدل على مطلوبهم إن جعلت علة للاخيرة ، فانها قرينة على أن المراد من النبيذ في الفقرة المتقدمة قسم الحلال منه ، ولا يبعد شيوع النبيذ الحلال في تلك الازمنة بحيث كان اللفظ منصرفا اليه .
ولهذا ترى في بعض الروايات تقييده بالمسكر ، وفي بعضها سئل عنه بلا قيد ، فأجاب بأنه حلال ، كرواية الكلبي النسابة " أنه سأل أبا عبدالله عليه السلام عن النبيذ فقال :
حلال ، فقال :
إنا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك ، فقال شه شه تلك الخمرة المنتنة " الخ ( 2 ) وموثقة حنان بن سدير قال :
" سمعت رجلا يقول لابي عبدالله عليه السلام :
ما تقول في النبيذ فان أبا مريم يشربه ويزعم أنك أمرته بشربه ؟ فقال :
صدق أبومريم سألني عن النبيذ فأخبرته أنه حلال ، ولم يسألني عن المسكر " ( 3 ) فيظهر منهما شيوع استعماله في القسم الحلال ، ومعه لا مجال للاستدلال بها للطهارة في القسم الحرام .
والعجب من الاردبيلي حيث اقتصر على نقل صدرها لمطلوبه ، وترك ذيلها الذي هو قرينة على الصدر ، أو دال على خلاف مطلوبه ، وأعجب
( 2 ) الوسائل - الباب - 2 - من ابواب الماء المضاف - الحديث 2 .
( 3 ) الوسائل - الباب - 22 - من ابواب الاشربة المحرمة - الحديث 5 . ( * )
والعجب منه أيضا تصحيح رواية الحسين بن أبي سارة بمجرد ظنه بأن ما وقع في التهذيب في موضعين من اشتباه النساخ ، وأن الصحيح الحسن بن أبي سارة ، لوقوعه في الاستبصار مكبرا ، وعدم ذكر من الحسين في الرجال ، فان مجرد وقوعه فيه كذلك وإهمال الحسين لا يوجب الاطمينان به ، والظن لا يغنى من الحق شيئا ، مع أن إهمال الراوي في كتب الرجال ليس بعزيز ، ومن المحتمل أن لابي سارة ولدا آخر يسمى بالحسين ، وقد أهمله أصحاب الرجال لجهالته .