يظهر لهذه الزيادات مباشرة ما يعارضها : يجب الاعتماد على البعد المزدوج لكل موضوع. فإما أن ينحصر الموضوع ضمن نص ويسمه بطابعه، وينظمه، ويبنيه، ويستطيع أن يقيم علاقات وثيقة مع الشعور الفردي (موضوعاتية خاصة بكاتب معين)، وإما من خلال الانتقال من نص إلى آخر، ما وراء النص، وما وراء الذاتية، يفتح منظورات واسعة بين الآداب، ويستطيع أن يتطابق مع توجه رئيسي لجيل، أوعصر (موضوعاتية نهاية القرن).
في الحالة الأولى، تثير دراسة الموضوع، مبدئياً مشاكل أمام القراءة النقدية : مثل تشكيل شبكة قراءة، واستخدام القوانين الثلاثة التي استخلصها بيير برونيل، بهدف التحقق (انظر الفصل الأول).
سيقرأ الموضوع بوصفه أحد المبادئ المنظمة للنص، ولكن يجب الاعتماد على بروز موضوعاتية منتشرة أحياناً. في الحالة الثانية : يجب من نص إلى آخر (مسار جانبي أو عرضاني للمقارن) رؤية كيف يخدم الموضوع آلية خيال، وحلم معينين. يمكن التقاط بعض أوجه عمل تخصيص موضوع من خلال (شعور حالم)، إذا أعدنا أخذ كلمة باشلار في عمله (شعرية الفضاء).
من أجل العثور على توجه مقارني تقليدي، يجب التخلي عن القراءة التي تجعل من الموضوعاتية العنصر المؤسس لشعرية نص، والانطلاق نحو مادة غزيرة، شائعة ومع ذلك قابلة للحصر، ومحددة، مدروسة من قبل مقاربة تاريخية، نريد القول، جماعية. سيقارَبُ الموضوع الذي يخدم كمبدأ تجميع لعدة نصوص بطريقة تعاقبية - تاريخية - (الحالة الداخلية - والتطور اللاحق) وتزامنية (كيف يستطيع الموضوع إضاءة مرحلة من الأدب). وهذه مناسبة للاستشهاد بجورج بوليه الذي أعطى بوضوح وظيفة تاريخية وتركيبية للقراءة الموضوعاتية : " يستطيع النقد الموضوعاتي أيضاً أن يكشف لنا ما ينتقل من فكر إلى آخر، وما يتبدى ضمن الأفكار المختلفة بوصفه مبدأها أو أساسها المشترك. وهو يسعى إلى الذوبان مع تاريخ الأفكار، والمشاعر، والخيالات، ويجب دائماً أن يكون قريباً من التاريخ الأدبي.
1- المادة التاريخية، والثقافية التي تشكل النصوص والتي يجب تحليلها ؛
2- الرهان الشعري الذي يسمح بفهم كيفية تكون شكل أدبي، وما هي العلاقات التي تجمع بين الموضوعات ومثل هذه السمة الشكلية ؛
3- الخيط الموجه للدراسة المقارنة، مما يسمح بالانتقال من نص إلى نص آخر، وكان هذا موضوع الفصل الأول.
يمثل الموضوع، في هذا المستوى، إشكالية المقارنة الأدبية، وأساسها وغايتها، عندما تجمع عدة نصوص، والتوليف بين النصوص وما (فوقها)، في حالة صريحة (التحقق من الموضوع)، ومفترضة (ضرورة دراسة نماذج من نص إلى آخر)، في الوقت نفسه. إن العلاقة السببية الشهيرة التي، في حالة التأثير، تجعل المقاربة بين النصوص دائماً فرضية أو قابلة للنقاش، ملغاة هنا أو تصبح واضحة من خلال وجود الموضوع وفعله، والذي يقدم، من البداية، بوصفه المبدأ الأول للتقارب، وموضوع الدراسة، ومبرر هذه الدراسة (قراءة ثانية لنص، إضاءة معطى جديد داخل النص أو ضمن سياقه التاريخي). مما لاشك فيه أننا نفهم الآن بصورة أفضل الأهمية التي يأخذها علم الموضوعات في الأدب العام والمقارن.