أبرزها : الثراء، و ابتكارات و إبداعات
تكنولوجية، اجتماعية، و منتوجات أقل و
أكثر تنوعا، و إغناء الثقافات، و حرية
متزايدة، ولا شك أن الجميع يتمنون الحصول
على المزايا دون مواجهة السلبيات .
إذا هل من الضروري تنظيم العولمة من أجل
إبعاد، أو على الأقل، تخفيف أضرارها مع
الحفاظ على ميزاتها ؟ و هل ينبغي إيجاد
قوانين اجتماعية و بيئية مشتركة ليغدو
العالم بأكمله على القدر نفسه من المساواة
كي يكون التبادل متوازنا و عادلا ؟
العولمة بلغة مبسطة، هي الإقتصاد
الرأسمالي الجديد، و النمو الجديد،
والإنتاجية الجديدة، الناجمة عن تطبيق
التكنولوجيات الجديدة (خاصة الإنترنت)، و
الأسواق الجديدة، و الأعمال الجديدة
المقترحة بأعداد هائلة. و هذه العناصر
تشكل " العصر الذهبي " الجديد للاقتصاد. و
هذه العولمةأصبحت الآن في خدمة العصر
الجديد للرأسمالية التي اتخذت شكلها في
الولايات المتحدة بداية من ديسمبر 1996، في
صالات رجال الأعمال و معارض التكنولوجيا
الجديدة، وعمت أوروبا منذ عام 1999. و هذه
العولمة لا تعني ترتيلة للتكنولوجيات
الجديدة فقط، و إنما هي ترجمة حديثة
لليبرالية الاقتصادية الجديدة، حيث تصبح
التكنولوجيات الجديدة الأداة المفترضة
لتوسع الأسواق والسيطرة على القطاعات
التي لازالت تبدي مقاومة .
علينا أن نفرق بين العالمية و العولمة،
فالعالمية هي انتقال الظواهر من الطابع
الوطني أو القومي إلى الطابع العالمي، و
هي ظاهرة موضوعية يتحدد مدى انتشارها
بمستوى تطور القوى المنتجة و الثقافات. و
هي بوتقة لتفاعل الأمم في إطار مجتمع
إنساني تقوم العلاقات فيه، على أساس
التكافؤ، فلا يلغي أحد أطرافه الأطراف
الأخرى، مجتمع يقوم على التعددية
الثقافية، والاقتصادية، و السياسية، و
الاجتماعية. أما العولمة ،فهي ليست ظاهرة
جديدة، و لا هي مجرد ظاهرة غريبة. فقد
تقدمت العولمة عبر آلاف السنين، جراء تطور
المواصلات و الاتصالات بين الشعوب، و
التجارة و الهجرات، و توسع الثقافات، و
انتشار العلم و الاكتشافات خاصة في ميداني
العلوم الدقيقة والتكنولوجيا. و هكذا في
نهاية الألفية الثانية انبثقت العولمة من
الغرب، و لكن منذ بدايتها أي ما يقارب
العام 1000، تأثرت أوروبا بالعلم و
التكنولوجيا الصينية، و بالرياضيات
العربية، إذا يوجد إرث عالمي من التفاعلات
بين الحضارات. و تندرج الحركات المعاصرة في
هذا التاريخ .
وكان الفيلسوف الألماني جوهان غو تفريد
هيردر قد كتب متسائلا في عام 1770 : هل كانت
الكرة الأرضية مرتبطة بروابط وثيقة و
متعددة ؟ و من كان يعتقد أن قوة عظمى تمتلك
عددا متفوقا من الماكينات، تستطيع بمجرد
أن تضغط بالإصبع على كبسة الزر، أن تهز
أمما بأكملها. ؟أما الكاتب الفرنسي
شاتوبريان, فقد كتب في عام 1840، عن انتشار
السكك الحديدية و التلغراف والسفن التي
تسير بالبخار قائلا :" عندما قلص البخار
المسافات، فإنها ليست السلع وحدها هي التي
ستسافر، و إنما أيضا الأفكار المرسلة و
المتخصصة. فعندما تتم إزالة الحواجز
الجمركية و التجارية بين مختلف الدول، و
كذلك الأمر عينه بين الأقاليم و المقاطعات
داخل الدولة عينها، و عندما تتجه مختلف
البلدان التي هي في علاقات يومية إلى وحدة
الشعوب، كيف يمكن بعث النمط القديم من
الفصل ؟
فمع القضاء على الحواجز بين الأقاليم،
ازداد الازدهار الاقتصادي و القوة
السياسية، من غير أن يضعفا الدولة بل على
العكس من ذلك عززاها. فقد حلت محل الأقاليم
المتنافسة و المتصارعة دولة ألمانيا
القوية. و ولدت قوة اقتصادية عظمى هي
الولايات المتحدة، المختلفة عن الدول
الأخرى التي تتنافس فيما بينها بواسطة
حقوق الجمارك و الضرائب المحلية. و يؤكد
المؤرخون أن المبادلات التجارية و حركات
تنقل الأشخاص كانت أكثر أهمية في عام 1900،
من اليوم.
و إذا كان تاريخ الرأسمالية هو التحول
العنيف للسكان إلى قوى عمل منظمة و منتجة،
فإن العولمة بسبب من فضائها الأساسي، تمثل
اليوم رأسمالية جديدة تختلف في تقنياتها و
تنظيمها عن الرأسمالية القديمة. إنها نظام
رأسمالي يعمل على أساس الخصوصية. فالذي
يعبئ سيرورة الإنتاج الحديثة، ليست
العموميات الموجودة في كل واحد منا، و
إنما ما هو خاص. و هذا النظام يقوم بها
أولا, لأن العلاقة بين الإنتاج و