عرب و تحدیات المستقبل، رؤیة و موقف

حسین جمعة

نسخه متنی -صفحه : 141/ 54
نمايش فراداده

لقد كانت حصيلة برامج التنمية القطرية:

1ـ ارتفاع في أسعار المواد والخدمات ومعدلات التضخم.

2ـ تراجع في الأداء الاقتصادي حيث بيّنت آخر الأرقام أن إنتاجية العامل العربي لم تتجاوز ست وعشرون دقيقة أي ما يعادل 1/20 من مثيلتها في الدول المتقدمة.

3ـ مشكلات في الصناعة ونقل التقانة حيث لم تستطع برامج التنمية القطرية(8) "أن تتمثل هذه التقنيات وبحيث تصبح مندمجة اقتصادياً وثقافياً في حياتنا الاجتماعية إذ نستورد كميات ضخمة من الآلات الحديثة لكننا لا نعرف كيف نصونها ولا نعرف استخداماتها وفقاً لشروط استعمالها.

4ـ عدم قدرة الإنتاج الزراعي على سد الفجوة الغذائية.

5ـ نزوح الأموال العربية في مقابل تعاظم الديون الخارجية حيث يشير التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1996 أن إجمالي الديون الخارجية بلغت 155.7 مليار دولار في عام 1994 وفي الوقت الذي تربو فيه الأموال العربية المستثمرة في خارج الوطن العربي عن 700 مليار دولار نجد أن:

60 مليون عربي أمي ـ 9 ملايين طفل عربي (مشاريع المستقبل) لا يتعلمون التعليم الابتدائي ـ 73 مليون شخص عربي يعيشون تحت خط الفقر ـ 52% من السكان يعانون من شح خطير بالمياه ـ أكثر من 10 ملايين لا يحصلون على طعام كافٍ.

6ـ ضعف الادخار والاستثمار الوطني حيث أسفرت تجارب التنمية في معظم الدول العربية عن قصور في الأموال اللازمة لتنفيذ الخطط التنموية فالأموال تأتي من المدخرات والمدخرات تقتطع من الدخول والدخول تأتي من الإنتاج والإنتاج متخلف وهكذا بدون نهاية كما تقضي به الحلقة المفرغة" إذن نستطيع تكثيف أزمة التنمية في الوطن العربي بالقول:

أن نكسة التنمية هي محصلة لكل الاستراتيجيات الإنمائية غير الكفوءة والسياسات الداخلية غير الملائمة من ناحية والصدمات الخارجية التي عجلت بالأزمة من ناحية أخرى وكانت الحصيلة في معظم الدول العربية تباطؤ معدل نمو الناتج القومي الإجمالي للفرد ـ ديوناً خارجية ثقيلة ومرهقة ـ بطالة متزايدة تضخم تصعب السيطرة عليه ـ أزمة غذاء متفاقمة.

إزاء كل ذلك:

يترتب على الدراسات المستقبلية الجادة أن تبدأ(9):

ـ الدراسة العلمية للواقع الحالي وكيفية نشوئه.

ـ التطور التاريخي لبنية المجتمع العربي وتركيبته الذهنية.

ـ إعداد الدراسات بالاعتماد على الخبرات والكفاءات العربية إذ ليس من المعقول أن نبقى معتمدين على المؤلفات الأجنبية التي تدرس واقعنا وتحللّه بالكيفية التي ربما لا تكون بعيدة عن الرؤية السياسية. وتتضح هذه الرؤية خاصة في مجال المياه ـ العنصر الرئيس في الأمن الغذائي العربي ـ إذ لا بد من(10) "دراسة كيفية مواجهة التحديات المائية المطروحة في المنطقة العربية وما الأدوات المتاحة لهذه المجابهة؟ وهل ثمة أداة أو أدوات ينبغي إقامتها لإدارة سياسة مائية ناجحة في مواجهة أزمة المياه القائمة أو المحتملة؟ وعلى من يقع عبء إقامة مثل هذه الآلية / الأداة المطلوبة".

إن المسألة ليست في قصور الإمكانات البحثية والمنهجية لدى الباحثين العرب "وإنما ترجع أساساً إلى غياب قاعدة بيانات ومعلومات كافية لأداء المهام البحثية على النحو المطلوب وكذلك إلى غياب الآلية المؤسسية الضرورية للشروع في توفير هذه القاعدة المعلوماتية وإتاحتها لأغراض البحث والتحليل المتعمق على نطاق واسع يتناسب مع حجم المشكلة المائية المطروحة" وهذا لا يمكن تحقيقه عبر السياسات القطرية وإنما عبر "إيجاد آلية مؤسسية عربية (قومية) تمتلك القدرات والإمكانات اللازمة للقيام بهذه المهمة وتعد جامعة الدول العربية ـ في الظروف الراهنة ـ الجهة الأنسب "للقيام بمهمة إيجاد هذه الآلية المؤسسية العربية ولا شك في أن هذه الآلية ـ إن وجدت ـ سوف تساهم في دعم دور الجامعة العربية الذي يتضاءل الآن بحكم الظروف والملابسات